الظلام إذا أضاء له السراج، وإن لم يضيء له لم يكن له نور.
فيكون مجاز هذا القول: أن يكون فخر معاوية إنما استحق عند النجاشي لقرابته من علي عليه السلام، وهذا على ما قدمنا ذكره لا يستحق، لأن من نافس الفاضل فضله ونازعه فيه لم يستحق الفضل به ولو كان أقرب الناس إليه، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم وبيناه، ولعل الذي دعى النجاشي إلى هذا التشبيه، الخبر الذي روي عن عمر: أنه وجه حابس بن سعد الطائي قاضيا إلى الشام فانصرف فقال: ما الذي صرفك؟
قال: رأيت بالشام رؤيا أفزعتني.
قال: وما هي؟
قال: رأيت الشمس والقمر يقتتلان وكأن الكواكب بعضها مع الشمس وبعضها مع القمر وكأني كنت في بعضها فقتلت.
قال له عمر: مع من كنت؟
قال: مع القمر.
قال: اذهب فما كنت بالذي يعمل لي عملا أبدا ثم قرأ: فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ثم قال: هذا رجل يموت على ضلالة.
وكان حابس بن سعد رجلا في أصحاب معاوية بصفين وقتل يومئذ، فتأولوا رؤياه بعده وقالوا: الشمس التي رآها حابس علي عليه السلام والقمر معاوية والنجوم التي كانت معهما الصحابة (1).
فإن ذهبوا بذلك إلى تأويل عمر، فقد شهد على معاوية وأصحابه بالضلالة، مع أن هذا طلب المخرج إلى من لم يلتفت إلى قوله، ولا حجة فيه لمن عسى أن يحتج به، ولو أن النجاشي قال: إن معاوية أفضل من علي عليه السلام، لم يكن قوله حجة مع إطباق
صفحہ 265