ألا أبلغ معاوية بن حرب
فإنك من أخي ثقة مليم
قطعت الدهر كالسدم المعنى
مقيما في دمشق فما تريم
يمنيك الخلافة كل ركب
لأنقاض العراق لهم رسيم
فإنك والكتاب الى علي
كدابغة وقد حلم الأديم
لك الخيرات فاحملنا عليهم
فإن الطالب الترة الغشوم
وقومك بالمدينة قد أبيدوا
فهم صرعى كأنهم هشيم
فلما صار معاوية إلى ما صار إليه ودخل الكوفة وصعد المنبر قال: أين أبو وهب؟
يعني الوليد بن عقبة.
فقام إليه، فقال له: أنشدني قولك.
فأنشده الأبيات، فقال معاوية:
ومستعجب مما يرى من أناتنا
ولو زينته الحرب لم يترمرم (1)
وكان أبو معيط جد الوليد بن عقبة هذا خمارا يبيع الخمر في الجاهلية، وكان عبد الله بن مسعود بالكوفة أيام وليها الوليد، فلما انتهت إليه أحداث عثمان ورأى ما رأى منها، كان إذا اجتمع إليه الناس تكلم بكلام فيقول: إن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أحسن الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة كفر، وكل كفر في النار.
فلما كثر قوله هذا قال له الوليد سرا بينه وبينه: عبد الله إما أن تدع عنك هذا الكلام وإما أن تخرج عنا.
فقال: ما كنت لأدع قول الحق.
فكتب إلى عثمان بخبره، فكتب إليه عثمان: إن ترك كلامه وإلا فأخرجه.
صفحہ 190