وما مسني عرق سفاح قط، وما زلت أنقل من الأصلاب السليمة من الوصوم البرية من العيوب» (1).
ففي كل هذا ما دل على ما قصدنا إليه وبدأنا بذكره من تفضيل عترة الرسول صلى الله عليه وآله واستحقاقهم الفضل به، ووجوب الإمامة لهم بقربه.
ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وآله: «الأئمة من قريش» (2) وبذلك احتج المهاجرون على الأنصار لما سموا إليها وأرادوا أن يتناولوها، وإذا كان ذلك كذلك وكان سبب الاقتصار بها على قريش بقربها من رسول الله صلى الله عليه وآله فهي لأقربها منه بلا شك، وإنما أكثر من هلك من الأولين والآخرين بإنكار المفضولين فضل الفاضلين، ودفعهم حقهم الذي افترض الله عز وجل لهم على العالمين، وتلك أول خطيئة كانت في السماء والأرض من الإنس والجن، خلد الله عز وجل اللعنة على من أتاها، ومعصية أوجب الخلود في النار لمن قد عصاها، ولم ينفعه معها ما سبق له من الفضل الكريم والشرف العظيم، لأن منازعة الفضل أهله يسقط كل شرف سابق ويبطله، وذلك أنه لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام فاستكبر عليه إبليس اللعين وقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين* (3).
ولما قبل الله قربان ابن آدم دون أخيه فنافسه الفضل وحسده عليه، فلم يغن عن إبليس اللعين حسده، إن كان من الملائكة الكرام، ولا عن ابن آدم أبوه آدم عليه السلام بل باءا بغضب من الله ولعنة، إذ نازعا الفضل من تعبدا بطاعته.
وعلى سبيل ذلك من أمر شرار السلف جري من بعدهم من سوء الخلق حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، وإنما ذكرنا من هذا ما ذكرناه وبسطنا في صدر كتابنا هذا
صفحہ 20