المناقب والمثالب

القاضی النعمان d. 363 AH
178

المناقب والمثالب

المناقب والمثالب

اصناف

فقلت في نفسي: ومتى لقيته هند بعدي فأخبرته، والله ما سمع مني ذلك غيرها، ولأضربنها ضربا وجيعا، وسكت وتغافلت عن قوله، فلما أردت أن أقوم قال: «هيه أبا سفيان أفقلت في نفسك: أن هندا أخبرتني ما قلت لك فأردت ضربها، لا والله ما هي أخبرتني».

قال أبو سفيان: فعلمت أنه يوحى إليه.

وكان أبو سفيان وابنه معاوية من المؤلفة قلوبهم، وأسلم معاوية إسلام أبيه، وحضرا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حنينا فانهزما فيمن انهزم وقال أبو سفيان ما قال، فلما نصر الله رسوله وأغنمه تآلف وجوه القبائل ممن لم يصح إسلامه بالغنائم، فأعطى أبا سفيان بن حرب، ومعاوية بن أبي سفيان، وحكيم ابن حزام، وابن النضر بن الحارث بن كلدة، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، والعلاء بن الحارثة، وحويطب بن عبد العزى، وصفوان بن أمية، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، والأقرع ابن حابس التيمي، وملك بن عوف البصري، كل واحد منهم مائة من الإبل، وأعطى آخرين من قريش دون المائة، وهؤلاء من المؤلفة قلوبهم الذين لم يصح إسلامهم، فتآلفهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالغنائم، إذ كان الله عز وجل قد سمى لهم سهما منها في كتابه، لما علمه الله عز وجل من أن الدنيا تستميلهم وحطامها يغلب عليهم، وقد أنكر ذلك قومه يومئذ، فقال قائل لرسول الله صلى الله عليه وآله: أعطيت عيينة والأقرع وتركت جعيل بن سراقة.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «أما والذي نفسي بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلهم مثل عيينة والأقرع، ولكني تآلفتهما على إسلامهما ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه» (1).

صفحہ 183