وقد قتل الحسن (ع) ابن ملجم ولم ينتظر به. وقول القتبي: أول خارجي في الاسلام الحسين (ع) (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال بعيد).
ولعمري ان هذا لأمر عظيم، وخطب في الاسلام جسيم، بل هو كما قال الله تعالى: (ان هذا لهو الضلال المبين)، فصار الغوغاء يزعقون على المحدثين والمذكرين في ذكرهم عليا عليه السلام حتى قال الشاعر:
إذا ما ذكرنا من علي فضيلة * رمينا بزنديق وبغض أبي بكر وقال الآخر:
وان قلت عينا من علي تغامزوا * علي وقالوا قد سببت معاوية (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم).
وبقي علماء الشيعة في أمورهم تائهين، وعلى أنفسهم خائفين، وفي الزوايا منحجرين، بل حالهم كحال الأنبياء والمرسلين، كما حكى الله تعالى عن الكافرين:
(لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين * لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين * لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا * وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا). فقلت: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين). فعلى من يعتمد، والى رواية من يستند، فالكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال، ولا خير في قوم ليسوا بناصحين ولا يحبون الناصحين، ولا خير في الكذابين، ولا العلماء الأفاكين، لقد قل من يوثق به، وعز من يؤخذ عنه.
فنظرت بعين الانصاف، ورفضت مذهب التعصب في الخلاف، وكتبت على نفسي ان أميز الشبهة من الحجة، والبدعة من السنة، وأفرق بين الصحيح والسقيم، والحديث والقديم، واعرف الحق من الباطل، والمفضول من الفاضل، وأنصر الحق وأتبعه، وأقهر الباطل وأقمعه، وأظهر ما كتموا، وأجمع ما فرقوا، وأذكر ما أجمعوا عليه واختلفوا فيه، على ما أدته الرواية، وأشير إلى ما رواه الخاصة (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم) فاستصوبت من عيون كتب العامة والخاصة معا لأنه إذا اتفق المتضادان في النقل على خبر فالخبر حاكم عليهما، وشاهد للمحق في اعتقاده منهما، وإذا اعتقدت فرقة خلاف ماروت ودانت بضد ما نقلت وأخبرت، فقد أخطأت، وإلا فلم يروي الانسان ما هو كذب عنده؟ ويشهد بما يعتقد فيه ضده؟ وكيف
صفحہ 6