وقالت: «تريد أن تعرف القشة التي قصمت ظهر البعير؟ إنها أنت يا مايكل! أعني قيامك بجولة توزيع الصحف هذا الصباح. هل تعرف ما قاله والدك عندها؟ هل تريد أن تعرف؟ سأخبرك! قال لي والدك: «هل تدركين أن هذا هو الأجر الضئيل الوحيد الذي يدخل هذا المنزل، أقصد ما يكسبه مايكل من توزيع الصحف! ماذا تظنين إحساسي إزاء ذلك؟ ابني في الحادية عشرة، وهو يعمل وأنا دون عمل».»
وحاولت تهدئة نفسها برهة قصيرة قبل أن تواصل حديثها، وقد اغرورقت عيناها بالدموع قائلة: «لن أنتقل من هنا يا مايكل. فلقد ولدت هنا. لن أذهب مهما يقل، لن أترك هذا المكان.»
كنت في المنزل حين جاءت المكالمة التليفونية بعد نحو أسبوع. كنت أعرف أن أبي هو المتحدث. لم تقل أمي إلا أقل القليل، ولذلك لم أستطع فهم ما يجري، وذلك حتى دعتني إلى الجلوس فيما بعد وأخبرتني.
قالت أمي: «يدل صوته على أنه قد تغير يا مايكل. أعني أنه عاد إلى طبيعته، بل إلى طبيعته الأولى في الأيام التي تعرفت إليه فيها أول الأمر. قال إنه وجد لنا مكانا نقيم فيه. وأضاف قائلا: «ما عليكما سوى إعداد حقائبكما والمجيء.» اسم المنطقة فيرهام. وهي قريبة من ميناء ساوثامتون. وقال: «إنها تطل مباشرة على البحر.» لقد أحسست اختلافا كبيرا فيه، وأؤكد لك ذلك.»
والواقع أن والدي بدا رجلا مختلفا. كان ينتظرنا عندما هبطنا من القطار، وعيناه تبرقان من جديد ويجلجل بالضحكات. ساعدنا في حمل الحقائب وقال: «المكان قريب» وهو يعبث بشعر رأسي. وأضاف: «انتظر حتى تراه أيها القرد! لقد رتبت كل شيء، كل شيء! ولن يجدي أن يحاول أحدكما إثنائي عن عزمي. فأنا مصمم عليه.»
وسألته: «مصمم على ماذا؟»
فقال: «سوف ترى.»
وكانت الكلبة ستلا أرتوا تتواثب في الطريق أمامنا، وقد رفعت ذيلها وبدت عليها السعادة. وأعتقد أننا جميعا كنا سعداء.
لكننا في النهاية ركبنا حافلة بسبب ثقل الحقائب الشديد، وعندما غادرنا الحافلة وجدنا أنفسنا على شاطئ البحر مباشرة. ونظرت فلم أجد أي منازل من حولنا، لا شيء سوى مرسى لليخوت والسفن الصغيرة.
وسألته والدتي: «ماذا نفعل هنا؟»
نامعلوم صفحہ