وجلس هو وقد ألقى برأسه فوق يده، وهو ينظر إليها دون أن يدري كم يستطيع أن يتحمل أكثر من هذا، ولقد أحس برغبة في أن يتناول هاتين اليدين الغاليتين ويتأمل في عينيها ثم يقول: «أنا لست إلا كذابا وغاشا. من أجل هذا اليوم الذي وعدت به، قبلت أن ألعب هذه اللعبة الشنيعة. ما أنا بملك، بل ليس لي الحق في أن ألمس يديك، فما أنا إلا راسم الصورة الحقير، الذي شعرت نحوه يوما بابتهاج فتاة سخيف. والآن فإني سأرحل عن حياتك وبخدعة وضيعة أخرى، سوف تصبحين زوجة لمخنث ضعيف، سيجعل منك ملكة لفرنسا ولكنه لن يهبك لحظة متعة، ولن يجعلك تشعرين بلذائذ الحب.»
وبينما كان هذا الاعتراف القاسي يتفجر داخل نفسه المحترقة، كانت نظرته لها تزداد حدة وقساوة لدرجة أفزعت فيرونيك وأخجلتها؛ فقد تصورت أنها تعدت في حديثها ما كان يجب أن تقف عنده، ورأت أنه كأبيها لا يحب أن يتحدث السيدات في مثل هذه الموضوعات، وضحكت ضحكة عصبية قصيرة، أردفتها بملاحظة عن تأخير الوقت. وبذلك انقطع الحديث في هذا الموضوع.
وتركا المطعم، ثم رغبا في العودة إلى الغابة، وهناك نسيا حديثهما الجدي وعاودتهما الطفولة المرحة؛ فقد كانت فيرونيك سعيدة لأنها كانت تنظر إلى هذه الساعات المباركة على أنها استمرار لساعات مماثلة مليئة بالمرح.
وكان سيرل سعيدا لسعادتها، وهو يعلم حق العلم أن أعظم فرح سوف يشعر به في المستقبل إنما هو ذكرى هذا اليوم الذهبي.
الفصل الثالث عشر
وفي أثناء هذا النهار وصل إلى الكونت فريزن بعد الظهر طلب مستعجل من السيدة البرنسيس تقول فيه:
اترك كل شيء جانبا يا عزيزي فريزن، واحضر حالا .
وكان فريزن معتادا هذه الرسائل المستعجلة، غير أنه في هذه الحالة كان واثقا من سبب هذا الاضطراب؛ فقد قال له سيرل إنه سوف يقضي مع فيرونيك يوما في الريف وحدهما، دون أن يعبأا بالتقاليد المرعية في مثل هذه الأحوال. وقد عمل فريزن جهده لكي يمنعه؛ فقد توقع من هذا حدوث متاعب من أي نوع، ولكنه كان عنيدا فلم يعبأ باعتراضه.
وعلى هذا فقد ذهب فريزن إليها، ووجد السيدة في حالة انفعال شديد؛ فقد رآها عند دخوله تذرع الغرفة جيئة وذهابا، وما إن خرج الخادم الذي أعلن قدومه، حتى غاصت السيدة في كرسي ذي مسندين، ثم مدت إلى فريزن بيد مرتعشة شيئا أشبه بالخطاب وهي تقول له: اقرأ هذا يا فريزن، اقرأه!
ووجد فريزن الخطاب من ولدها ملك فرنسا، فما كان هناك من شيء يوقع السيدة في مثل هذا الاضطراب المروع سواه. والحق أن فريزن نفسه ذلك السياسي المتزن قد أخرجه هذا الخطاب عن اتزانه، وكان الخطاب مرسلا من فلا أجلانتين في بادن بادن، فلا أجلانتين! وبالتأكيد، فقد قفز ذهن فريزن إلى ألين سان أماند، وأتم القراءة:
نامعلوم صفحہ