مجموع رسائل الامام زید بن علی علیہم السلام
مجموع رسائل الإمام زيد بن علي عليهم السلام
اصناف
وقال الله عز وجل في الكتاب - حين فرض الفرائض وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالقسمة -: ?ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا تكون دولة بين الأغنياء منكم وما ءآتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب?[الحشر: 7]. ثم قال: ?للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون?[الحشر: 8]. ثم قال: ?والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون?[الحشر: 9]، فكانت هذه الأنصار. فجعل الله تبارك وتعالى النبوة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولقرابته الفضل على الناس والمهاجرين والأنصار، ثم قال: ?والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم?[الحشر:10]، وقال: ?والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم?[التوبة: 100] ، فليس يكون أحد متابعا لهم بإحسان حتى يعرف فضل من فضله الله عليه، وأنه إنما كان لهم مثل تابع لهم، فليس لأحد - دخل في الإسلام - أن يعلمهم وهم علموا قبله، ولا أن يرى له مثل حقهم، وقد دخلوا في الإسلام طوعا بحبوة من الله عز وجل احتباهم، فلهم عليه أثرة وليس لأبناء المهاجرين من قريش تفاخر بفضل آبائهم على الناس، ولا تعترف لذرية نبيهم بالفضل عليهم.
فإن قلت: قد اختلفوا. فقد صدقت، وإنما أنبأكم الله فقال: ?وما اختلف فيه - يقول في الكتاب - إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم?[البقرة: 213]، فانظر حين اختلفوا أين كان أهل الحق؟ فإنه لا يشكل أهل الحق.
وإن بني إسرائيل حين اختلفوا سماهم الله أهل الكتاب، ثم لم يخرج الحق منهم بل جعله فيهم، قال الله عز وجل: ?ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون?[السجدة: 23 - 24].
صفحہ 117