--- وليصمم في الأمور تصميم المجد، فإن الدين لا لعب فيه, وهو مسئول عن دقيق أموره وجليلها، وقد صار إمامه يعتذر إلى خالقه به عند السؤال, وليكن باطن أمره فيما ذكرناه من طاعة الله كظاهره بل أبلغ، فإن السريرة المحمودة التي بين المرء وربه يجازى عليها فاعلها بالتأييد من خالقه, والثبات والتوفيق. فنسأل الله تعالى أن يرزقنا ذلك.
وعليه أن يترك في كل بلد من الحكام من قد وليناه ذلك, ويشعره بإنفاذ ما قد أمر به، ويجعل معه من يشد أزره, ويمتثل أمره, ويعينه على ما صعب من أحواله, ليكون المصالح جارية على ما أمر الله تعالى به، وأن يوقر أهل الدين ويلطف بهم، ويعظم حقهم, تقربا إلى الله تعالى، فإنهم أولياؤه, ويصغر أعداء الله المعروفين بالمعاصي، فإن ذلك حكم الله وسنته, ? ولن تجد لسنة الله تبديلا ?.
ومن جنى جناية على غيره لم يتعرض بالشدة عليه فيما فعل, حتى يستنصف منه المجني عليه بما يقتضيه الحكم، ثم بعد ذلك إن كان يستحق عقوبة أستأمر إمامه وعمل بحسب ما يأمره, وإن كان لا يستحقها فقد خرج من حق صاحبه طوعا أو كرها.
ومن فعل ما يوجب الحد، واستحق ذلك بقول الإمام, أو قول حاكم البلد المنصوب فيها, المتحري المتثبت، أمضيت ذلك عليه, من غير معاداة بمال ولا غيره, ولا محاباة في دين الله، فإن الذي انتهكه من معصية الله أعظم من كل عظيم، والنظر في الاستحقاق, وطلب الإسقاط بالشبه ودرئها بما يقتضي ذلك إلى الإمام أو الحاكم، وعليك الإنفاذ عند الأمر بذلك من غير تأخر، وعليك أن تمنع الناس من إثارة الحروب فيما بينهم والتطالم، وتظهر عليهم الشدة في ذلك، وتأخذ على أيديهم، فإن النهي عن المنكر يقتضي ذلك، والنظر في المصالح يشهد بما ذكرنا.
صفحہ 43