لقواعد الشرع وحيثياته مما جاء في كتاب الله أو سنة رسوله ﷺ، وما قبله جماهير السلف الصالح من المسكوت عنه فيهما، ومما لا يخالف القواعد العامة المقررة.
٢ - إنصافه- وحمه الله- لأولئك " العارفين " حيث لم يرد كل ما جاء عنهم، لما آثر عنهم من بدع ومخالفات في السلوك أو القول. بل أخذ ما لديهم من الحق، وطرح ضده. وهذا هو العدل لأنّ الحكمة التي هي ضالته أنى وجدها أخذها. ولا يجب أن يسلك هذا المنحى الدقيق إلا أولوا العلم الراسخ في الدين من أمثال الحافظ ابن رجب وابن القيم .. لأنّه مسلك وعر ودحض مزلة، ربما يُجلب فيه من الشر الذي لا يعرفه المنتقي من كلامهم أشد من الخير المنشود، وعلى مثل هذا تنزل قاعدة: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ".
٣ - أمر ثالث هو ملاحظة تعقب الحافظ ابن رجب لأغاليط المنحرفين من الزهاد، وغلاة المتصوفة، أو متصوفة أهل البدع والزندقة (١) كنحو المفرقين بين الحقيقة والشريعة، والرافعين التكاليف الشرعية عنهم أو عن غيرهم.
قال ﵀: "ومما أحدث من العلوم، والكلام في العلوم الباطنة من المعارف وأعمال القلوب، وتوابع ذلك بمجرد الرأي، والذوق، أو الكشف وفيه خطر عظيم.
وقد أنكره أعيان الأئمة كالإِمام أحمد وغيره.
وكان أبو سليمان يقول: إنه لتمر بي النكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة.
وقال الجنيد: علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة من لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في علمنا هذا.
وقد اتسع الخرق في هذا الباب، ودخل فيه قوم إلى أنواع الزندقة
_________
(١) كما جاء في كتابه فضل علم السلف على الخلف ص ٦٧ فانظره لزامًا.
مقدمة جـ 1 / 26