وأما الذين ظنوا أن من العجب أن لا يكون جسم الأرض محمولا علي شيء <ولا يرسب ولا يسفل> ولا يتحرك لكثرة ثقله B فقد اخطوا إذ جعلوا القياس بما يعرض لهم لا بما يلزم الكل . ولو علموا أن قياس الأرض عند الجرم المحيط قياس النقطة والمركز لم يروا هذا عجبا. لأنهم كانوا يرون أنه قد يمكن بهذه الجهة أن يكون الذي هو في غاية القلة بالقياس إلي الذي هو في غاية العظم مستمسكا من قبل (¬36) الذي هو في غاية العظم متشابه الأجزاء /H23/ حتي يكون الذي هو في غاية القلة باقيا في موضعه ويتدافع ما حوله من جميع نواحي الذي هو في غاية العظم تدافعا متساويا متشابها لأن العالم في نفسه ليس له فوق ولا أسفل كما أنه لا يتوهم ذلك في الكرة. وأما الأجرام التي فيه (¬37) فبقدر حركاتها الخاصية الطبيعية تذهب الخفيفة منها اللطيفة إلي ظاهر العالم البسيط المحيط، فنظن أن حركتها إلي فوق عند كل قوم لأن ما علا الرؤوس المسمي فوق هو في جهة البسيط المحيط؛ وأما الثقيلة الغليظة فتذهب إلي المركز ونظن أنها تقع إلي أسفل، لأن ما يلي أرجل جميع الناس المسمي أسفل هو في جهة مركز الأرض ولذلك تجتمع حول الوسط من مدافعة بعضها لبعض من جميع الجهات مدافعة متساوية متشابهة. ومن أجل ذلك صارت الأشياء الثقال وإن صغرت تلحق كلية الأرض علي عظم قدرها عند قدر ما يهوي إليها إذ هي ثابتة قابلة لكل ما وقع إليها من جميع النواحي. ولو كانت للأرض وما سواها من الأجسام (¬38) الثقال حركة واحدة مشتركة، لكانت الأرض بفضل عظمها وثقلها ستسبق كل ما سواها (¬39) /H24/ وتخلف الحيوان وما سواه من الأجرام الثقال في الهواء وكانت تنفد سريعا جميع ما يحيط بها وجرم السماء ألبتة والتوهم فقط لهذا وشبهه ضحكة.
صفحہ 5