وهذه الآية الشريفة أنزل الله ما يشابهها في سورتي البقرة والجمعة. قال الله عز وجل إخبارا عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم}.
وقال تعالى في سورة الجمعة: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}.
فهذه الآية متشابهة من هذا الوجه، محكمة على الوجه الأول.
وفي قوله تعالى: {ويعلمهم الكتاب} وقع التعليم كما أخبر العزيز الحكيم، فنقل إلينا الكتاب -وهو القرآن- نقلا متواترا بالوسائط الثقات الأعيان، وقد تقدمت الإشارة إلى قسمي الوسائط، وأن كل قسم يرجع إلى قسمين، ومنهم التابعون للصحابة رضي الله عنهم، والتابعون على قسمين: مخضرمون وغير مخضرمين، وكل منهما على قسمين، فغير المخضرمين حفاظ وغير حفاظ، وكل منهما على قسمين: ثقات وغير ثقات.
ولا يخلو من بعد الصحابة من الرواة من هذين القسمين، وكل منهما -الثقات وغير الثقات- على مراتب تفهم من نوع واحد من أنواع الحديث وهو التعديل والتجريح.
فأعلى مراتب التعديل: تكرار لفظ قولهم ((ثقة)) كما روينا عن سفيان ابن عيينة رحمه الله قال: حدثنا عمرو بن دينار، وكان ثقة ثقة ثقة ثقة، كرر ذلك سفيان أربع مرات.
صفحہ 91