م. الثالث :
أنا مش قاسي؛ أنا بتألم، أنا بعمل كده من ألمي. أنا الأول كنت أشوفك فأحس إني شايف نفسي اللي بحبها أكتر من نفسي، شايف الإنسانة الوحيدة في العالم اللي ما اعرفش هي بتنتهي فين وانا بابدأ منين؟ الاتصال اللي بقيت أحس إنه أقوى وأعظم وأروع حاجة في الدنيا، إن الدنيا من غيره عالم كئيب غريب ماليش دعوة بيه، أشوف في عينيكي عيني أنا لما بتشوف، وفي وشك ملامح من كتر مانا عارفها وحاببها مانيش شايفها ما اقدرش أشوفها، ما اعرفشي أشوفها لأنها ملامحي أنا ، وملامحك وملامح الحياة وسر الحياة كلها مع بعض. إنما راح دا كله، انقطع، بوحشية اتبتر، مين المسئول إن أهم جزء من روحي ينشف ويموت؟ مين المسئول إني مرة واحدة أفقد الونس وابقى وحيد في عالم ماليش به أي اتصال؟ انكسر الكوبري اللي بيوصلني به، وانتهى الحنان اللي كان بيربطني ويحميني منه ويحميه مني. مين المسئول عن شعور التوحش اللي انتابني؟ مين المسئول عن إني باستمرار حاسس إني مجروح وإني مطعون وإني فقدت الأمان؟ عمري كله مستعد أضيعه عشان استريح مرة واحدة بس، وأبص لك فيها فأحس إنك أمي.
الأم :
يا حبيبي، مهما قلت فمش حاقدر أرد عليك، كل اللي أقدر أقوله إن العذاب اللي اتعذبته يغفر لي أي حاجة في رأيكم عملتها أنا وعملها ألف زيي.
م. الثالث :
أنا بقول مين المسئول؟ لأن المسئولية كبيرة. مش انتي بس، كلكم مسئولين. أنا كمان مسئول، بس بيتهيألي أكتر حد مسئول هو الطريقة اللي بنعيش بيها، لازم طريقتنا غلط، لازم فيه طريقة أحسن للحياة، لازم فيه طريقة تخلي الإخوات إخوات على طول، وماالإخوات إخوات على طول،تخليش أم تغدر بولادها ولا ولاد يتنكروا لأهليهم، طريقة تنمي العواطف الحلوة دي مش تخربها وتحطمها وتخلينا نعيش. إنت سايبانا إخوات، وفاكرة إنك راجعالنا زي ماالإخوات إخوات على طول،سبتينا! إنت راجعالنا وإحنا خلاص، ماسكين لبعض السكاكين، دي مش عيشة أبدا، مستحيل. (يتعالى صوت صفر كالمنبه المفاجئ لتتركز الأبصار عليه، وتترك الركن الذي كانت فيه الأم، لا نعرف إن كان صفر قادما من الخارج، أو أنه انتصب فجأة في مكانه زاعقا.)
صفر :
يا سعادة البيه، يا سعادة البيه.
الدكتور :
مالك يا غراب البين فيه إيه؟
نامعلوم صفحہ