246

الكفر والعداوة. وخداع الله والمؤمنين إياهم مسالمتهم ، وإجراء أحكام الإسلام عليهم. بحقن الدماء وحصن الأمول وغير ذلك. وادخار العذاب الأليم ، والمآل الوخيم ، وسوء المغبة لهم ، وخزيهم في الدنيا لافتضاحهم بإخباره تعالى وبالوحي عن حالهم. لكن الفرق بين الخداعين : أن خداعهم لا ينجح إلا في أنفسهم. بإهلاكها ، وتحسيرها ، وإيراثها الوبال والنكال بازدياد الظلمة ، والكفر ، والنفاق ، واجتماع أسباب الهلكة ، والبعد والشقاء ، عليها وخداع الله يؤثر فيهم أبلغ تأثير ، ويوبقهم أشد إيباق ، كقوله تعالى : ( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) [آل عمران : 54] ، وهم من غاية تعمقهم في جهلهم لا يحسون بذلك الأمر الظاهر.

وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو (وما يخادعون) بالألف.

قال ابن كثير : نبه الله سبحانه على صفات المنافقين ، لئلا يغتر بظاهر أمرهم المؤمنون ، فيقع بذلك فساد عريض من عدم الاحتراز منهم ، ومن اعتقاد إيمانهم ، وهم كفار في نفس الأمر وهذا من المحذورات : أن يظن بأهل الفجور خير. ثم إن قول من قال : كان عليه الصلاة والسلام يعلم أعيان بعض المنافقين إنما مستنده حديث حذيفة بن اليمان (1) في تسمية أولئك الأربعة عشر منافقا في غزوة تبوك الذين هموا أن يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في ظلماء الليل عند عقبة هناك ، عزموا على أن ينفروا به الناقة ، ليسقط عنها ، فأوحى الله إليه أمرهم ، فأطلع على ذلك حذيفة.

فأما غير هؤلاء ، فقد قال الله تعالى : ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة ، مردوا على النفاق لا تعلمهم ) [التوبة : 101] الآية. وقال تعالى : ( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ) ففيها دليل على أنه لم يغربهم ولم يدرك على أعيانهم ، وإنما كان تذكر له صفاتهم ، فيتوسمها في بعضهم ، كما قال تعالى : ( ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم ) [محمد : 30]. وقد كان من أشهرهم بالنفاق ، عبد الله بن أبي بن سلول.

واستند غير واحد من الأئمة في الحكمة عن كفه صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين ، بما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه «أكره أن يتحدث العرب أن

صفحہ 249