وحسب العاشق من موجب الأسى، وداعي الحزن، أن يرى منازل أحبابه هامدات، باليات!
تعفو المنازل إن نأوا
عنها وتغبر البلاد
والحي أولى بالبلى
شوقا إذا بلي الجماد
وهل تأملت كيف شكا إلى الديار ما لقي من الضنى، وكيف عرف ما به من السقم لما تبين دثورها، وتعرف عفاءها! ويا ليت شعري هل شكت إليه ما تجد إليه من بعد سكانها، وبين ملاكها؟ أما والهوى إنها لتشكو في صمتها الرهيب، إذ كانت تحزن بغير قلب، وتبكي بغير دمع!
كفى حزنا للهائم الصب أن يرى
منازل من يهوى معطلة قفرا
ومما يقرب من فلسفة الشعر، وفقه الأدب، في بكاء الرسوم الهوامد، والأطلال الدوارس، مع الإفصاح عن الأسى والبث، والشجى والحزن، قول ابن الخياط في ديار لقيت من بعد سكانها ما لقي المحب بعدهم من الضنى والنحول:
وقفت أداري الوجد خوف مدامع
نامعلوم صفحہ