لم يك في صفو وده كدر (11)
وبعد مدائح حسان ومراثيه تجيء الفقرات المنسوبة إلى علي بن أبي طالب، ونثر علي من المشكوك في صحته ولكنا نستشهد به لأمرين؛ الأول: تصويره لما كان يفهم القدماء من حال علي الروحية، فهو - على فرض وضعه - صورة للأدب الذي كان يتمثلون ذيوعه في تلك الأيام في خطب أصحاب الرسول.
الثاني: أننا نرجح صحة ما نسب إلى علي في التحميدات والعظات، فإن الذين طعنوا في صحة نثره وقفوا عند المصاولات التي وقعت بينه وبين معاوية بن أبي سفيان.
يضاف إلى هذين الأمرين أن المدائح النبوية التي وقعت في خطب علي لا يظهر فيها تكلف، فهي فقرات افتتحت بها بعض الخطب، وليس فيها قصد إلى مدح الرسول.
ولهذا المنهج أهمية، فسنرى الثناء على النبي يطرد في أكثر الخطب المنبرية، ونكاد نجزم بأن حمد الله والثناء على نبيه صحب الخطب منذ ازدهر هذا الفن على المنابر الإسلامية؛ بدليل أنهم دهشوا لخلو خطبة زياد من الحمد فسموها البتراء.
والمدائح النبوية في كلام علي ذات أفانين، فتارة يثني على النبي وعلى كتابه ويبين ما كان عليه الناس قبل البعثة، فيقول:
أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور، والكتاب المسطور، والنور الساطع، والضياء اللامع، والأمر الصادع، إزاحة للشبهات، واحتجاجا بالبينات، وتحذيرا بالآيات، وتخويفا بالمثلات،
79
والناس في فتن انجذم
80
نامعلوم صفحہ