ابو العلاء المعری زوبعہ الدهور
أبو العلاء المعري زوبعة الدهور
اصناف
ليته يستوي لي جناحان فأطير بهما إلى القاهرة، ولكن الله لا يريد، ولتكن إرادته يا أخي.
العمى محنة، ولست أحمد الله عليه، كما ادعى بشار؛ فمن لي أن أبصر ساعة واحدة لأرى عجائب خالقي التي أتخيلها ولا أدركها تمام الإدراك.
تتوهم أني أدرك الأشياء، ولكني أقول لك إنني أدرك المرئيات إدراكا ناقصا. أتخيلها من كلام العارفين بها، ولكن الكلمة، يا إسماعيل، لا تؤدي المعنى تاما غير منقوص.
أعانني الله على محنتي، وجعل خاتمة طريقي خيرا؛ فهل بعد الشقاء بقاء؟ الله أعلم، ولكنني مؤمن بالخير، ولا يكون المصير إلا خيرا، إن شاء الله.
وبعد يا تميمي، أفما تقول لي ما حاجة مولانا الإمام، حرسه الله، بهذا الجسد النحيل؟ إن هواي معه وفكري عنده، والهدف واحد ... أما علمي فما حجبته عنك؛ فأنت حامله إليه وهذا كل ما في جعبة الشيخ، ما لي وللحواضر يا إسماعيل، سيان عندي الليل والنهار، والقصر والكوخ. أتظن أن رحلتي إلى الحاكم تزيدني معرفة به؟ لقد وصفته لي فتخيلته جسمانيا، وما يبلغني عنه من النزاهة والزهد ومقاومة الشر يربطني به.
أنا معجب بأبيه من قبله وبه أيضا، وكلنا نسعى لنطهر أنفسنا وننقيها، ناهيك بأنني أعلم ما علمت، فارو له خبر ما رأيت وسمعت. اقرأ عليه ما نسخت من دفاتري.
لقد سئمت الأسفار التي يعجز عنها المستطيع بنفسه، فكيف المستطيع بغيره مثلي؟ أما قال الشاعر:
وماذا تبتغي الشعراء مني
وقد جاوزت حد الأربعين
فأنا، يا أخي، أحبو إلى الخمسين، فالأجدر بي أن أتأهب للرحلة الكبرى.
نامعلوم صفحہ