وأجاب صاحب المنهاج عن هذا الاعتراض: بأن الفقه في الاصطلاح: اسم للعلم بجملة من الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية، وإمكان الاستدلال على كل ما عرض منها للعالم بذلك البعض شرطا في تسمية العالم بذلك فقيها. قال: فهذا التفسير يجمع بين قول العلماء: إن الفقيه إنما هو المجتهد. وقولهم: إن هذا الفن أصول الفقه.
قال: ويوصف العالم بالبعض عن أدلتها مع تمكنه من الاستدلال على باقيها عالما بالأحكام الشرعية جميعا؛ لأنه في حكم العالم بجميعها حينئذ، فصح بذلك ما اخترناه من حده، انتهى.
وذكر الغزالي: أن الناس تصرفوا في اسم الفقه فخصوه بعلم الفتاوى والوقوف على دقائقها وعللها.
واسم الفقه في العصر الأول كان يطلق على علم الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس، والاطلاع على عظم الآخرة وحقارة الدنيا، قال تعالى: {ليتفقهوا في الدين ولينذروا}، والإنذار بهذا النوع من العلم دون تفاريع الفقه كالسلم والإجارة. ولما كان علم الفقه علما مستنبطا بالرأي والاجتهاد يحتاج فيه إلى النظر والتأمل لم يجز أن يسمى الله تعالى فقيها؛ لأنه لا يخفى عليه شيء، والله أعلم.
المسألة الثالثة: في موضوع الفقه ومبادئه واستمداده وفائدته
فأما موضوعه: فهو الأحكام الشرعية الفرعية من حيث استنباطها من الأدلة التفصيلية. وقيل: إن موضوعه: فعل المكلف من حيث توارد تلك الأحكام عليه.
وأما مبادئه: فهي مسائل أصول الفقه.
صفحہ 64