قال صاحب المنهاج: وهذا عندي لا يصح لأنه يوهم أن غير المجتهد لو علم أحكاما استدل عليها بخبر أو آية يسمى فقيها، وذلك خلاف ما وقع الاصطلاح عليه /32/ بين العلماء. فإن مصنف "نهاية المجتهد" ذكر فيها أن الحافظ لجملة من الأحكام تلقينا وتقليدا لا يسمى فقيها. وإنما الفقيه: هو المتمكن من استنباط الأحكام عن أدلتها... -إلى أن قال:- وهذا لعمري كلام جيد.
وقال ابن الحاجب: الفقه: هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية العملية عن أدلتها التفصيلية. قال صاحب المنهاج: وهذا الحد أصح من الأول.
وقد رد عليه أنه إن أردت أن الفقه هو العلم بالأحكام جميعا لم ينعكس لخروج المجتهدين جميعا، لأنهم لم يعلموا حكم كل حادثة قبل النظر فيها، وإنما يعلمون ما قد اجتهدوا فيه ونظروا، ألا ترى أن مالكا سئل عن أربعين مسألة فأجاب عن أربع، وقال فيما عداها: "لا أدري".
وإن أردت أن الفقه هو العلم ببعض الأحكام عن أدلتها لم يطرد لدخول المقلد حينئذ، فإن كثيرا من المقلدين يعلم كثيرا من الأحكام بأدلتها تلقينا لا استنباطا، وهو لا يسمى في الاصطلاح فقيها.
صفحہ 63