أَحدهَا قَوْله تَعَالَى ﴿وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة﴾ فَنَقُول النّظر إِمَّا أَن يكون عبارَة عَن الرُّؤْيَة أَو عَن تقليب الحدقة نَحْو المرئي التماسا لرُؤْيَته
وَالْأول هُوَ الْمَقْصُود وَالثَّانِي يُوجب الِامْتِنَاع عَن إجرائه على ظَاهره لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يَصح فِي المرئي الَّذِي يكون لَهُ جِهَة فَوَجَبَ حمله على لَازمه وَهُوَ الرُّؤْيَة لِأَن من لَوَازِم تقليب الحدقة إِلَى سمت جِهَة المرئي حُصُول الرُّؤْيَة وَإِطْلَاق اسْم السَّبَب لإِرَادَة الْمُسَبّب جَائِز وَقَوْلهمْ يضمر فِيهِ إِلَى ثَوَاب رَبهَا خطأ لِأَن زِيَادَة الْإِضْمَار من غير حَاجَة لَا يجوز
الثَّانِي قَوْله تَعَالَى ﴿للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة﴾ نقل عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ الزِّيَادَة هِيَ النّظر إِلَى الله
وَالثَّالِث قَوْله تَعَالَى الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا رَبهم وَقَوله تَعَالَى ﴿أُولَئِكَ الَّذين كفرُوا بآيَات رَبهم ولقائه﴾ وَقَوله ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ وَقَوله ﴿بل هم بلقاء رَبهم كافرون﴾ وَقَوله ﴿تحيتهم يَوْم يلقونه﴾ واللقاء عبارَة عَن الْوُصُول وَهَذَا فِي حق الله تَعَالَى محَال إِلَّا أَن من رأى شَيْئا فَكَانَ بَصَره لقِيه وَوصل إِلَيْهِ فَوَجَبَ حمل اللَّفْظ عَلَيْهِ
الرَّابِع قَوْله تَعَالَى كلا إِنَّهُم عَن ربيهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون وَتَخْصِيص الْكفَّار بِهَذَا الْحجب يدل على أَن الْمُؤمنِينَ لَا يكونُونَ محجوبين
الْخَامِس قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيما وملكا كَبِيرا﴾ وَالْملك الْكَبِير هُوَ الله تَعَالَى وَذَلِكَ يدل على أَنه ﷺ يرى ربه يَوْم الْقِيَامَة
السَّادِس قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن مُوسَى ﵇ ﴿رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك﴾ وَلَو كَانَت الرُّؤْيَة ممتنعة على الله تَعَالَى لَكَانَ مُوسَى جَاهِلا بِاللَّه تَعَالَى
1 / 75