مباحث علمية واجتماعية

شبلی شمیل d. 1335 AH
151

مباحث علمية واجتماعية

مباحث علمية واجتماعية

اصناف

وطابي ويومي ضيق الجحر معور

هما خطتا إما إسار ومنة

وإما دم والقتل بالحر أجدر

وأخرى أصادي النفس عنها وإنها

لمورد حزم إن فعلت ومصدر

هذا ما قاله شاعر البداوة على قمة جبل، يلقي عليك به درسا عاليا في الأخلاق، ولم يثنه الإباء عن مأتى الحصافة والحزم؛ لئلا تكون الصلابة القاصمة خرقا في سياسة المنفعة.

وذلك قاله شاعر الحضارة قائما يسأل على أعتاب المدنية، مع أنه أمير شعراء المولدين في صناعة النظم وكبر النفس.

أنت تستطيع أن تترجم شعر هوجو وموسه وروستان، وتستفيد من ذلك غرضا اجتماعيا وبحثا أدبيا أخلاقيا وعبرة تاريخية، ولكنك لا تستطيع أن تترجم شعر المتنبي وأبي تمام والبحتري، ولا أن تستخلص منه شيئا من ذلك غير بعض الحكم والأمثال مشتتة في تلك الأدغال لا رابط ينسقها، ولماذا؟ لأن هوجو أطل في شعره على العالم أجمع، فنظر إلى الحقائق، وبما له من قوة الخيال وحسن السبك ربطها وكساها من شعره حلة مهيبة رهيبة في النفس، كما كساها موسه رقة وجمالا، وروستان نظر إلى الوقائع فأكسبها من قوة خياله ومتانة شعره وقعا في النفوس جعلها أبلغ في العظة.

فلو عني المتنبي وأقرانه بالأمور نظيرهم، وقصدوا فيها إلى مرام اجتماعية عالية، أكان خانهم خيالهم؟ أوما كانوا فاقوا شعراء الإفرنج في دقة الوصف وقوة التصور وسعة الخيال؟ فعوضا عن أن يتبسطوا في ذلك الأسلوب الجاهلي، ويضعوا لنا ما إذا روي روى مطامع النفوس وظمأ العقول، بل عوضا عن أن ينحوا النحو الذي نحاه بعدهم شعراء الإفرنج في وصف الطبيعة الصامتة والناطقة، وينزعوا إلى أغراض اجتماعية؛ استغواهم ذلك البذخ الذي عاشوا في وسطه، واستهوت الخلاعة نفوسهم، فأذلوا لها قرائحهم، ونهجوا في شعرهم ذلك المنهج الغريب في المدح والغزل والتصابي والاستجداء، حتى غلب هذا الأسلوب على صناعة الشعر العربي، وألفته الطباع، واستسهلته السلائق لعدم الارتباط فيه بقيد، وصار جماله لا يقوم إلا بالإغراب في تلك المعاني المبتذلة.

وكيف يترجم ردف يقعد صاحبه كأنه كثبان عالج، وقلب يحرق بناره الرجلين، ويثب من الصدر إلى العين؟ وقد رأيت قلبا خرج من تحت الإبط في صدمة قطار، ولكني لم أر قلبا تخطى سنن الطبيعة في خروجه من الجسم.

نامعلوم صفحہ