واعتقد حسين قلى خان قدومه فألا خيرا من أجل الادخار لرأس مال السلطنة، واعتبر مقدمه غنيمة، فأعطى له مكانا لخلوته الخاصة، وبالغ عن الحد فى احترامه، وفى ظلال هذا الوضع، قدم إلى كاشان سيد ملى ء بالغش والخداع- وكانت له علاقة ألفة سابقة مع محمد القاسم، فوضعا البناء هكذا مع بعضهما، وذلك: بأن يختار السيد زاوية العزلة، وبأن يطوى ذيل الصحبة عن معاشرة أهل العصر، وأن يعد نفسه من الأصدقاء الغرباء وعارف بالله الأوحد، وأن يخبر أحيانا عن الأمور المخفية، وأن يشير أحيانا إلى الرموز الغيبية، وذلك حتى يتصوره أهل كاشان من أقطاب وأوتاد الزمان، ويصبحوا راغبين فى ملاقاته، وبأن تصل هذه الحكاية إلى أذن حسين قلى خان، فيطلبه.
وإجمالا لذلك، غاب السيد عن الأنظار، فغلب الشوق لرؤيته على الطبائع، وشاعت كراماته على الألسنة والأفواه، وبتحريك من محمد قاسم، أظهر عدة أشخاص من محرمى الخلوة مراتب عرفانه على ضمير حسين قلى خان، فرغب حسين قلى خان فى حضوره طمعا فى الاستعانة من باطنه الفاسق، واشتعلت فيه نار الشوق له أكثر بسبب إنكاره، وفى النهاية وبكيفية مشقة الفتى ميسرة، قضى معه ليلة فى خلوته الخاصة، فزين السيد المشعوذ فى نظره اللعبة المليئة بسحر الألوان الغريبة مثل تخيلات السحر، وقال:" أنا نائب لصاحب العصر «1» ونائبه عن الاهتمام بالأمور الدنيوية، ولكن كلام محمد القاسم فى كفاءة هذا الأمر هو وثيقة وسند، وهو مبسوط اليد فى فتح أبواب السعادة، وييسر الارتقاء إلى المدارج العليا والسلطنه بمساعدته، وحتى تستطيع [ذلك] فلا تلو رأسك من ربقة إطاعته إلى النهاية مطلقا."، فخطفت هذه البشرى قلب حسين قلى خان من كفه وصبره من قلبه، وزادت محبته لمحمد قاسم وإخلاصه، ووصل الأمر إلى أنه كان يقف الليالى أمامه مثل العبيد المقيدين من أيديهم، وكان يضع على قدمه رأس العجز والخضوع والضعف، وجلس حسين قلى خان بلا عمل كالنقش على الجدار [ص 77]، وكلية سلم لذلك الفاسق عنان اختياره، فبداية جر بحكمه جميع المجرمين القدامى- الذين رفضوا مخالفة السلطنة وأصروا على نصحه- إلى السجن، فجعل البعض منهم يائسا من رؤية الدنيا المضيئة بالمشرط الظالم، وقبض على البعض الآخر، وحبسهم فى زاوية.
صفحہ 108