وفى ربيع العام المبارك نفسه، شرع فى تذهيب القبة الطاهرة والبقعة الطيبة [ص 70] العلة الغائية من خلق الماء والطين لحضرة المعصومة صلوات الله عليها، وبناء المدرسة، فقد أزال المعماريون العلماء والبناءون البارزون فى الصنعة القبة القديمة، ورفعوا القبة الاستوائية من جديد على تسع أروقة عالية السقف، وأغلقوا سدا محكما على نهر قم الجارى من جهتها الغربية، وضموا ساحة الصحنين (الفنائين) القديمين إلى بعضهما، وجاءت المدرسة المغزية للروح خالية من الأشكال الهندسية مع فناء الخلد المشابه لشكل الجنة والمشتمل على الحجرات والأحواض والجداول، فكل حجرة منها غرفة من الجنة وأنوارها القدسية ظاهرة ومبنية على أربع شرف من الطين والطوب، فالغربية منها هى المشرفة فى أحد أطرافها على فضاء المدرسة، ومن إحدى النواحى التى تطل على النهر أنشئ القسم العلوى المخصوص من أجل إقامة الشهريار الفريد، وعلى ناحية الصحن العلوى والمتصل بروضة عرش الأساس حجرات منقوشة بالذهب، وعلى الناحية الأخرى رتب حوض مخزن بالمياه والذى يقف السمك على سطحه ويفكر العقلاء بعيدو النظر فى الخوض فيه بركبهم، وتزينت القبة المنورة مع الدماغ من القوالب المعجونة بالذهب وحيث أسقط القالب الذهبى الشمس من طاقة قلب السماء، وفتح الفلك المقوس الظهر عينه بالنظر عليها بنظارة الشمس والقمر فى الصباح والمساء.
وطبقا للحكم الأشرف، فإن طلبة العلوم الدينية والعارفين بمعالم اليقين- المستقرة بهم قوانين الملة وشعاع الشرائع قائم بمصباح بيانهم- مسبحون من كل نافذة كالملائكة على نوافذ الفلك، ومتناظرون ومتحاضرون فى كل موضع مثل الملائكة والذاكرين على الأماكن القدسية، فى حل أسرار المعانى مع بعضهم البعض. وثواب ذلك عائد بالعشى والإشراق على العهد ذى الأثر السعيد لظل حضرة من له التسبيح وهو الخمر الأبدية معشوق اللطف الإلهى.
وأيضا فى تلك السنة، سرى الحكم للحاج محمد حسين خان حاكم إصفهان، وذلك بأن يتم كل الفضاء الواقع ما بين عمارة تشهل ستون (الأربعين عمود) وعمارة بهشت آيين (مثل الجنة) وهى من أبنية السلاطين الصفويين- فى صورة قصر مبتهج على نظام الجنة، وجمع هو أيضا امتثالا للأمر المشبه بالقدر- البنائين العلماء ورسامى الفنون ونجارى حرفة نوح، وأنجز عمارة محتوية [ص 71] على الدواوين الحديثة الطراز والقصور الكاملة وحديقة النارنج (البرتقال اليوسفى) والأحواض الزجاجية الجذابة وقصر الاستراحة والحمام.
وكذلك طبقا لحكم القضاء العادل، بنوا رباطا محكما على شاطئ نهر جاجرود وهو معبر قوافل مازندران فى وقت الشتاء ولم يكن به منزل لإقامة القوافل، وهو مشتمل على الحجرات الكثيرة والخلوة والحمام والبيوت اللازمة القائمة مقام حجرة الأثير لمتجمدى صولة البرد الشديد، وانتهى بناء رباط من الأحجار والجبس تحت رعاية المعماريين المهرة فى قرية" كناره" الكردية أيضا، التى كانت مأوى عابرى العراق وفارس بسبب فقدانهم المنزل ومحل نومهم فى الشتاء، وقد صار أجره الدنيوى والأخروى عائدا على عهد الهمايون السعيد.
صفحہ 102