مع المشككين في السنة
مع المشككين في السنة
تحقیق کنندہ
فاروق يحيى محمد الحاج
اصناف
الشبهة الرابعة عشرة
اتهام المحدثين بمخالفة القرآن
في عدم اكتفائهم به
يقول المشكك:
«ويقول تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)﴾ [العنكبوت:٥١].
فيقول أهل الحديث: نعم نحن لا يكفينا الكتاب».
والجواب:
أولًا: قوله عن أهل الحديث: "إنهم يقولون: نحن لا يكفينا الكتاب" يقصد بذلك: إن رجوعهم إلى السنة وأخذ الأحكام منها مع القرآن الكريم تصريح منهم بأن الكتاب لا يكفيهم. وقوله هذا هو من الافتراء عليهم.
ثانيًا: استدلاله بالآية على أن القرآن يُغني عن السنة وأن الأخذ بالسنة يعني: عدم كفاية القرآن غير صحيح؛ من عدة وجوه:
١ - أن هذه الآية نزلت جوابًا لقول المشركين: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [العنكبوت:٥٠].
والمعنى: أولم يكف المشركين من الآيات هذا الكتاب المعجز الذي قد تحديتهم بأن يأتوا بمثله أو بسورة منه، فعجزوا؟ ولو أتيتهم يا محمد بآيات موسى وعيسى ﵉ كلها لقالوا لك: إنها سحر، ونحن لا نعرف السحر (^١).
٢ - عن يحيى بن جعدة قال: (أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِكَتِفٍ فِيهِ كِتَابٌ (^٢) فَقَالَ: كَفَى بِقَوْمٍ ضَلَالًا أَنْ يَرْغَبُوا عَمَّا جَاءَ بِهِ نَبِيُّهُمْ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ نَبِيٌّ غَيْرُ نَبِيِّهِمْ أَوْ كِتَابٌ غَيْرُ كِتَابِهِمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)﴾ [العنكبوت:٥١]) (^٣).
(^١) انظر: تفسير ابن كثير (١/ ٦٠)، و(٦/ ٢٨٧ - ٢٨٨).
(^٢) أي: مكتوب فيه من التوراة.
(^٣) سنن الدارمي، المقدمة، باب من لم ير كتابة الحديث (١/ ٤٢٥)، رقم (٤٩٥)، وتفسير ابن جرير الطبري (٢٠/ ٥٣)، وتفسير ابن أبي حاتم (٩/ ٣٠٧٢ - ٣٠٧٣)، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، باب مختصر في مطالعة كتب أهل الكتاب والرواية عنهم (٢/ ٨٠٠)، رقم (١٤٨٥). وقال في القطوف الدانية فيما انفرد به الدارمي عن الثمانية -جمع وتحقيق: الدكتور/ مرزوق بن هياس الزهراني-: «هو مرسل، رجاله ثقات». القطوف الدانية فيما انفرد به الدارمي عن الثمانية للدكتور/ مرزوق بن هياس الزهراني (ص:١٢٧)، حاشية رقم (٣).
1 / 132