والوزراء المصريون يتحدثون في اهتمام شديد عن الحالة وواجب مصر إزاءها، وطه حسين قوي الإيمان بأن العدوان سيرتد عن البلاد.
في 18 نوفمبر 1941 يسمع طه حسين صوت فرنسا الحرة من لندن، صوت الجنرال «شارل ديجول»، وهو معجب بصموده أشد الإعجاب.
وتتوالى بعد ذلك أخبار المقاومة من الشعب داخل فرنسا ومن جيش فرنسا الحرة في أفريقيا، ويعرف أن عناصر من جيش فرنسا الحرة قد انضمت إلى قوات الحلفاء في الشرق الأوسط.
ويصل الجنرال ديجول إلى مصر، ويلقي خطابا في الجامعة الأمريكية ويتحدث في راديو القاهرة، ويرحب به طه حسين هناك. •••
تصل برقية من مدينة المنيا بأن والد طه حسين في خطر، فيعلم طه حسين أنها إنما تنعي إليه أباه. كان أبوه يعيش في مدينة المنيا منذ حين حياة هادئة لا تعكر صفوها العلل ولا المشاكل، راضيا مستريح الضمير، فقد عمل لرضاء ربه غاية وسعة، وبذل في رعاية أسرته الكبيرة غاية جهده، وقد بلغ الخامسة بعد المئة من العمر، فهو سعيد بحياته الطويلة ، عزيز بأولاده، فخور بما أصابوا في حياتهم من توفيق ونجاح.
طه حسين مشغول الفكر بوالدته، يسرع بالشوق والحنان إليها، يعرف عمق ما تحس من الألم والأسى لفقدانها رفيق حياتها وشريك الكفاح.
يسرع إلى مدينة المنيا في أول قطار، فإذا أصبحت أمه بين ذراعيه سالت دموعها لا تحاول الآن أن تجففها، وهي التي يعرفها قوية عنيدة قصية الدموع، بكاؤها الآن يوقف كلماتها وهي تقول لابنها: «كان أكرم الرجال، كان خير الأزواج، كان أشد الآباء برا وحنانا، كان يقول عنك يا طه إنك تمشي بنور الله، في سبيل الله، وإنه - تعالى - منك قريب مجيب.» •••
كثير من المصريين والأجانب يترك مصر، البريطانيون يحرقون أوراقهم، الراديو الألماني يذيع أن الهدف التالي للجيوش الألمانية في الصحراء الغربية هو قناة السويس، ويذكر أسماء الأشخاص الذين تقرر عقابهم عند دخول مصر، منهم عباس محمود العقاد، وطه حسين. •••
الوزير أحمد نجيب الهلالي في مكتب المستشار يعزيه، يتحدثان بعد ذلك عن الحالة في مصر، يسأل الوزير طه حسين: «هل هناك أي رغبات يمكن أن تعاون الوزارة على تحقيقها؟»
طه :
نامعلوم صفحہ