127

المدير يضحك، ولكن الوزير يقول جادا: «فنجان القهوة بألف جنيه ، والأكل غداء أو عشاء بخمسة، هذه المبالغ تستعمل في بناء المدارس ... قل لهم إن الجهل كالحريق، ولا بد من تعاون الجميع على إطفائه بأي شكل، بأي مياه متاحة، ليس من الضروري أن يكون الماء مكررا، أريد أراضي يتبرع بها أصحابها للمدارس، وأموالا يتبرع بها أصحابها للمباني. إن وزير المالية، بناء على طلب رئيس الوزراء، قد أعطى كل ما يستطيع، البلد أيضا لا بد أن تساهم في إنشاء هذه المدارس الجديدة حتى يمكن أن تفتح أبوابها في أول العام الدراسي الجديد، هذه هي المساهمة المطلوبة من أهل المديرية وأصحاب الرأي في المديرية، وكذلك أصحاب السلطة فيها يجب أن يعملوا على تقديمها.»

ويعود طه حسين إلى مكتبه بالقاهرة ليستقبل أعضاء مجلس نقابة المعلمين، لقد انتخبه المعلمون نقيبا لهم بالإجماع، أعضاء النقابة يذكرون مقال الوزير المنشور في شهر أغسطس 1949 بالأهرام عن المدرس بعنوان «إرهاق وإملاق»، ويقولون له: «إن المدرسين يحفظونه عن ظهر قلب ويسمعونه لبعضهم «محفوظات».»

ويدعو النقيب وأعضاء النقابة الوزير لحضور الاحتفال الذي تقيمه النقابة.

وفي احتفال النقابة طه حسين يلقي خطابه عن ضرورة إنصاف المدرس.

يقول طه حسين: ... وأقسم لو استطعت ألا أترك من المعلمين مظلوما إلا أنصفته، ولا متأخرا إلا قدمته، ولا طالبا إلا أجبته إلى ما يطلب، ولا ساخطا إلا أرضيته؛ لكنت أسعد الناس في هذه الدنيا.

ويقول في نفس الخطاب:

وأنا أتمنى مع ذلك للمعلمين إتقان موادهم، وإتقان تعليم هذه المواد في المدارس ...

وفي مكتبه بالوزارة يتحدث في اليوم التالي إلى بعض معاونيه فيقول: «إننا محتاجون إلى مدرسين، إلى أعداد كبيرة، ليس لمصر فقط بل للبلاد العربية كلها، وربما لغيرها أيضا. ولتخريج المدرسين تلزمنا الجامعات، التي تلزمنا طبعا لتحقيق أهداف أخرى هامة غير تخريج المدرسين. مصر هي قبلة التعليم العالي في العالم الإسلامي منذ زمن طويل، لدينا الأزهر أقدم جامعات العالم حتى الآن، وفي العصور القديمة كان عندنا جامعة الإسكندرية، وقبلها وفي عصر أقدم كانت لدينا جامعة عين شمس، هذه الجامعات يجب أن تعود إلى الوجود، القاهرة موجودة والإسكندرية موجودة، والآن يجب أن نعنى بإنشاء جامعة عين شمس، هناك جامعة رابعة جامعة أسيوط وهي تحت الإنشاء، وأنا أرجو أن يوافق البرلمان على إنشاء هاتين الجامعتين الجديدتين رغم معارضة بعض الأعضاء، بعضهم يعارض لأنه لا يريد التعليم، وبعضهم لأنه لا يريد إنفاق المال. أما الذي يعارض لأنه لا يريد أن يتعلم الشعب فإننا لا نشغل أنفسنا بالرد عليه، أما الذي يعارض رغبة في اقتصاد المال فإننا نقول له إن هذه الأموال لا تهدر، بل تستثمر. ولا بد من أن يكون هذا واضحا للجميع، إننا لا نريد إسرافا ولا نقبله ولا نتسامح فيه، ولكننا نريد أن ندرج في الميزانية الجديدة كل ما يلزم للنهضة العلمية التي يريدها الشعب وتريدها الوزارة؛ لأن هذه النهضة ضرورية لتقدمنا المادي، إلى جانب ضرورتها للتقدم الثقافي. ولا تنسوا أنني سأكون المطالب بالدفاع عن هذه الميزانية أمام البرلمان، وأنا لا أريد أن أدافع عن أي عبث أو إسراف.»

ويقول وكيل الوزارة: «المهم أن نجد معاونة من وزارة المالية واستجابة من البرلمان.»

ويرد الوزير: «المفروض أننا نحن الذين نستجيب للبرلمان؛ لأنه برلمان الشعب وما نطلبه هو بعض ما يطلبه الشعب. أريد الميزانية جاهزة، ببياناتها وأرقامها واضحة، سأحتاج إلى هذه الأرقام والإحصائيات في خطابي أمام البرلمان.» •••

نامعلوم صفحہ