وابتسم زميله: لا تغضب، هذا عرف بيننا. إذا وجهنا التهمة إلى شخص له صلة بواحد من أسرة النيابة فإننا نخطره من باب الذوق، فلا تعجب. - ألف شكر، وماذا أملك أن أقول إلا حسبي الله ونعم الوكيل. ولكن هذه الصلة موهومة. - كيف؟ - هذا الشخص حمو أخي. فأنا لم أختره ليكون حماي، وإنما اختاره أخي. ثم هو نسيب وليس قريبا والحمد لله، فمع شكري الموفور لك، اسمح لي أن أعود إلى بيتي وسعادتك تتخذ من الإجراءات ما تراه.
وقد كان صفوت مشغولا في هذه الساعة مشغولية غاية في الضخامة، فقد كان يعد مع زوجته حنان وابنته سوسن - وليس مع ياسر - أسماء المدعوين والطلبات التي يحتاجون إليها بمناسبة الاحتفال بمولد الحفيد الأول لسعادة صفوت بك المعلاوي، والذي استقر الأمر على تسميته صفوت تخليدا لاسم رأس الثراء في العائلة التي تفضل فسجل شقة سوسن باسم حفيده، كما أودع باسمه شهادة استثمار بنصف مليون جنيه. وحين دق جرس الباب لم يكن يتصور بحال من الأحوال أن يد العدالة هي التي تدق الجرس.
الفصل الثالث عشر
في هذه المرة لم يستطع وجدان أن يخفي عن أبيه السبب الذي ذهب من أجله إلى النيابة. ولم يعجب وجدان حين استقبل أبوه النبأ وكأنه لا يعرف شيئا عن صفوت بك يتصل به بأسباب مصاهرة.
كان كالطود الراسخ وهو يقول في وقار: أمر كنت أنتظره بين لحظة وأخرى.
بل إن وجدان لم يعجب أيضا حين قالت أمه: وماذا كنا ننتظر من نسب كهذا! أتظنني فرحت بالشقة وشهادات الاستثمار؟ لا وشرفك، لا أنا فرحت ولا عرفت هذه الأموال أن تعطيني أي طمأنينة.
صنف آخر من الناس أمه وأبوه. صنف رأى الكرامة في الشرف، ولم يتصور أن المال يصنع كرامة.
وهكذا وجدان، ولكنه مع ذلك لم يستطع أن يكون في هدوء أبيه وأمه، فإن السن وانتساب الأسرة إلى منصة القضاء جعل الأبوين كالجبال الرواسي. كانت التجارب بالنسبة إليهما قد جعلت منهما حجارة كريمة كالماس لا تخف ولا يضيع لها وقار.
أما هو، فهو لم يبلغ بعد ما بلغاه من رسوخ وشمم، فوجد الغم يملأ نفسه.
لماذا كتب عليه أن يختار أخوه هذه الأسرة؟ بل ولماذا كتب عليه أن يكون أخوه بهذه النظريات التي لا يرى لها أثرا في بيت أبيه.
نامعلوم صفحہ