وكانت مها في كل ليلة يأتي فيها إلى الكباريه تخرج معه، فهو لا يأتي فجأة، وإنما يتفقان على ألا تأخذ سيارتها وتكون واثقة أنها ستجد سيارته أو سيارة حميه، لا فرق، لتصل بها إلى منزلها. •••
بعد هذه المقدمة نستطيع الآن أن نروي الحادث الذي أقض مضجع وجدان المسكين.
كان الكباريه زاخرا برواده. وكانت هناك منضدة يجلس إليها جماعة من المصريين. يتصدر أحدهم المائدة وينفق ببذخ واضح. وحين ظهرت مها لتؤدي رقصتها تركها ترقص بضع دقائق، ثم قام إليها وألبسها عقدا من العقود الجديدة التي لم تعدها الحياة إلا في هذه السنوات الأخيرة. كان عقدا بألف جنيه موزعة أوراقه ذات المائة جنيه على دائر العقد، وقبلته مها وخلعت العقد وأعطته للطبال واستمرت في الرقص، بين تصفيق المنضدة وزياطها.
ومضت دقائق أخرى وقام إليها المعلم تيسير أبو العزم وألبسها عقدا آخر من نفس النوع. وتقاضى القبلة وزياط المنضدة وقعد.
وانتهت مها من الرقص ودخلت إلى حجرتها لتغير ملابسها وتقاسمت الألفي جنيه مع صاحبة الملهى والموسيقيين، وخرجت قاصدة إلى المنضدة التي يجلس إليها ياسر الذي قام وهو يقول لها: أنا غير مرتاح لهذه الجماعة، هيا بنا. - ولا أنا، هيا بنا.
وهما بالخروج، وإذا بالمعلم تيسير أبو العزم وجماعته يعترضون طريقهما. - إلى أين يا ست؟
وقال ياسر محاولا أن يحميها: وأنت ما لك!
وقال تيسير: يا أفندي، أنت الذي لا مال لك، أما أنا فقد قدمت ألفي جنيه نقوطا، كل مائة تنطح مائة، وأنا يا أخي لا أكلمك.
وقال ياسر: وهل معنى هذا أن تمنعها من الخروج؟ - لا، العفو، إنما أظن أنه من باب الذوق أن تأتي وتجلس مع الثور الذي دفع لها ألفي جنيه في خمس دقائق. - وهل هذا أمر؟ وهل ما دمت دفعت نقوطا تتحكم فيها؟ - إنت كل كم يوم تأتي إليها ولا تدفع قرشا ولا عشرة، ثم تأخذها جاهزة آخر الليل، ونحن نرمي الآلاف ولا ننال ولو جلسة. طيب كلمة، طيب ضحكة!
طبعا كل الناس قد تجمعوا حولهم. وكان المشرف على الكباريه الخبير خبرة واسعة بهذه الأحوال قد أبلغ الشرطة، ولكن قبل أن تأتي الشرطة قال ياسر: هذا تهجم، هذه وقاحة.
نامعلوم صفحہ