لبسنا لتلك النعمة الكبرى أثواب المسرة والبشرى.
وحيث في الجزع رضا لسلطان المعاد وغرض لأبرار العباد، فها نحن قد لبسنا سربال الجزوع وأنسنا بإرسال الدموع. وقلنا للعيون جودي بتواتر البكاء وللقلوب جدي جدثوا كل النساء، فإن ودائع الرسول صلى عليه واله وسلم الرؤوف أبيحت يوم الطفوف، ورسوم وصيته بحرمه وأبنائه طمست بأيدي أممه وأعدائه. فيالله من تلك الفوادح المقرحة للقلوب، والجرائح المصرخة بالكروب، والمصائب المصغرة لكل بلوى، والنوائب المفرقة شمل التقوى والسهام التي أراقت دم الرسالة والأيدي التي ساقت سبى الجلالة والرزية التي نكست رؤوس الأبدال والبلية التي سلبت نفوس خير الآل، والشماتة التي ركست أسود الرجال، والفجيعة التي بلغ رزؤها إلى جبرائيل، والفظيعة التي عظمت على الرب الجليل.
وكيف لا يكون ذلك وقد أصبح لحم رسوله مجردا على الرمال، ودمه الشريف مسفوكا بسيوف أهل الضلال، ووجوه بناته مبذولة لعين السائق والشامت، وسلبهن بمنظر من الناطق والصامت، وتلك الأبدان المعظمة عارية من الثياب، والأجساد المكرمة جاثية على التراب.
صفحہ 7