(1) تضلع البابا سلوستر الثاني من لغة العرب وفلسفتهم
كان بابوات رومة في طليعة ملوك أوروبا بانصرافهم منذ القرون الوسطى إلى تعزيز اللغة العربية وتدريسها ونشرها، وقد سبق أحدهم البابا سلوستر الثاني (999-1003م) أنه قصد الأندلس طلبا للعلم، عندما كان راهبا باسم جربرت (Gerbert) ، وقد تخرج في مدارس إشبيلية وقرطبة، حيث أكب على تحصيل علوم العرب وأحكم فلسفتهم، وتعمق فيها ثم شخص إلى رومة ففاق أقرانه بعلمه، ولمع بينهم بمزاياه السامية. وما كاد يجلس على كرسي بطرس برومة حتى أمر بإنشاء مدرستين عربيتين: الأولى في إيطاليا مقر خلافته، والثانية في ريمس من أعمال فرنسا وطنه،
1
ومما يؤثر عنه أنه أبدل الأرقام الرومانية المستعملة حتى ذلك العهد بالأرقام العربية،
2
وأدخلها إلى أوروبا.
وقد أتى البابا سلوستر الثاني على ذكر «الصفر» العربي في رسالة وجهها إلى أوثون الثالث إمبراطور جرمانيا (983-1002م) قال: «إني أشبهك بالرقم الأخير من الأعداد البسيطة العشرة، وهو الذي يزداد قيمة بوضع أعداد أخرى عن يساره.» (2) تنشيط البابوات إلى اقتباس العربية
راح البابوات في القرون الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر يحببون إلى قصادهم وسفرائهم ورسلهم ورهبانهم تعلم اللغة العربية وتدريسها في المعاهد؛ ترويجا لخطتهم الكاثوليكية، فتيسر لهم بتلك الوسيلة أن يبعثوا وفودا من أهل الذكاء والحصافة ممن خلفوا لنا مذكرات يومية عن رحلاتهم في الاشتغال بين أمم الشرق.
ومن ذلك أن مجمع مدينة ڤينا المنعقد سنة 1311 برئاسة البابا إقليميس الخامس (1305-1314م)، قرر أن تؤسس دروس عربية وعبرية وسريانية في رومة على نفقة الحبر الأعظم، وفي باريس على نفقة ملك فرنسا. أما في أكسفورد وبولون وسلمنكة فعلى نفقة الرهبان، وكان يقصد بذاك تخريج وعاظ يطوفون الأمصار الشرقية؛ لتثقيف شعوبها ونشر الحضارة العربية بين ظهرانيهم. ومما يبرهن على أن اللغة العربية كانت تدرس في كلية باريس براءة للبابا يوحنا الثاني والعشرين (1316-1334م)، تاريخها سنة 1325 حتم فيها البابا على سفيره هنالك أن يراقب دروس اللغة المذكورة.
3
نامعلوم صفحہ