ما عكف القلب على القرآن = مرتقيا لحضرة العرفان أقول: التقى من قولهم وقاه فاتقى والوقاية الحفظ والمتقي من يقي نفسه أي يحفظها عما يضرها في الآخرة وللتقوى مراتب الأولى التوقي عن العذاب الأبدي وهي حاصلة بعدم الشرك بالله تعالى والثانية التنزه عن كل مأثم فعلا أو تركا والثالثة التنزه عما يشغل السر من الأكوان عن الحق (وهذا القسم مطلوب للمولى من عبيده بقوله اتقوا الله حق تقاته لأنه تعالى لا يقبل على القلب المشترك والفضل الزيادة في الخير والإنابة الرجوع إليه سبحانه وتعالى والمجد الكرم والفرصة من قولهم فرصت الرجل وأفرصته إذا أعطيته فهي بمعنى العطية والبراعة من برع الرجل بالفتح والضم براعة إذا فاق أصحابه في العلم وغيره والحزم ضبط الأمر بالاتفاق وحسن التدبير والنجدة الإعانة بسرعة وتطلق على الشجاعة فعطف ما بعدها على هذا عطف مرادف ومغاير على الأول والشجاعة شدة القلب عند البأس والعكوف الإقامة والقرآن يطلق على الصفة القديمة وليس مرادا هنا وعلى النظم المعجز الدال على متعلق الصفة القديمة لا عليها نفسها على التحقيق خلافا لظاهر عبارات جمهور المتكلمين وهو المراد هنا وبين على والقرآن مضاف وهو معاني ومعنى الإقامة على المعاني الإقامة على التأمل فيها فإن ذلك هو العروة الوثقى في الوصول إلى حالة يقف دون أولها سليمو العقول وهو ما أشار إليها بقوله مرتقيا إلخ وليس مقصوده بما عكف التقييد بل المقصود هنا التأبيد. قال:
هذا وإن درر البيان= وغرر البديع والمعاني
تهدي إلى موارد شريفة = ونبذ بديعة لطيفة
من علم أسرار اللسان العربي = ودرك ما خص به من عجب
صفحہ 10