لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟
لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟
اصناف
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد
لنفسي حياة مثل أن أتقدما
وهو الموت الذي يموته الإفرنسي لأجل حياة فرنسة، والألماني لأجل حياة ألمانية، والإنكليزي في سبيل بريطانيا العظمى - وهلم جرا - ويجده على نفسه واجبا لا يتأخر عن أدائه طرفة عين.
وأما الموت الثاني: فهو الموت لأجل استمرار الموت، وهو الموت الذي يموته المسلمون في خدمة الدول التي استولت على بلادهم؛ وذلك أنهم يموتون حتى ينصروها على أعدائها، كما يموت المغربي مثلا حتى تنتصر فرنسة على ألمانية مثلا، ويموت الهندي حتى تتغلب إنكلترة على أي عدو لها، ويموت التتري في سبيل ظفر الروسية، والحال أنه بانتصار فرنسة على أعدائها تزداد في المغرب غطرسة وظلما وابتزازا لأملاك المسلمين وهضما لحقوقهم؛ وذلك كما حصل بعد الحرب العامة؛ إذ ازداد طمع الفرنسيين في أهل المغرب، وحدثوا أنفسهم بتنصير البربر؛ ليدمجوهم في الشعب الفرنسي، ويأمنوا على مستقبل المغرب الذي صاروا يطلقون عليه لقب «إفريقية الإفرنسية».
وبالاختصار يموت المغربي على ضفاف الرين أو في سورية حتى يزداد موتا في المغرب؛ لأن كل طائفة تفوز بها فرنسة في الخارج هي زيادة في قهر المغربي وإهانته وإذلاله مما لا سبيل للمناكرة فيه، ومما قد ثبت بالتجربة، وكذلك موت الهندي في نصرة إنكلترا هو تطويل في أجل عبودية الهند، وكذلك موت التتري في خدمة الروسية لا عاقبة له سوى ازدياد قهر الروس للتتر، وهلم جرا.
وهذا الموت لأجل الموت هو ما كان بخط منحن كما يقال؛ أي باعتبار النتيجة، ولكنه هناك موت لأجل الموت مباشرة بدون واسطة، وهو عندما يموت المغربي في قتال أخيه المغربي الذي قام يحاول أن يزحزح شيئا من النير الإفرنسي الذي كاد يدق عنقه، وإن لم يدق عنقه بتاتا استحياه حياة هي أشبه بالموت منها بالحياة.
ولو انحصرت هذه الأمور في العوام والجهلاء لعذرناهم بجهلهم، وقلنا: إنهم لا يدرون الكتاب ولا السنة ولا السياسة الدنيوية، ولا الأحوال العصرية، وإنهم إنما يساقون كما تساق بهيمة الأنعام إلى الذبح.
ولكن الأنكى هو خيانة الخواص، مثال ذلك الوزير المقري الذي هو أشد تعصبا لقضية رفع الشريعة الإسلامية من بين البربر من الفرنسيس أنفسهم،
28
ومثله البغدادي باشا فاس الذي طرح نحو مئة شخص من شبان فاس وجلدهم بالسياط؛ لكونهم اجتمعوا في جامع القرويين وأخذوا يرددون دعاء: «يا لطيف الطف بنا فيما جرت به المقادير، ولا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر» ومفتي فاس الذي أفتى بأن إلغاء الشرع الإسلامي من بين البربر ليس بإخراج للبربر من الإسلام، وهلم جرا.
نامعلوم صفحہ