أما الآن فلا سرور ولا عزاء.
4
خرجت من المقبرة، وإذا بجنازة وراءها جمهور كبير من المشيعين، وقد أخذت بعض النساء بيدي امرأة قد تكون أما، أو أختا، أو زوجة، وهي تبكي بكاء مرا يفتت الأكباد، فخنقتني العبرة، وانضممت إلى المشيعين وأنا أحسب نفسي ماشيا في جنازتك.
لا أرى جنازة يا أم سري إلا حسبتها جنازتك، ولا أرى قبرا إلا حسبته قبرك، كأني ذلك الشاعر الذي قال:
فقلت له: إن الأسى يبعث الأسى
فدعني فهذا كله قبر مالك
5
ليت أنا نستطيع أن نحتكم في ما نذكر، وفي ما ننسى، فلا نذكر إلا ما يسرنا، ولا ننسى إلا ما يؤلمنا، فتكون لنا ذاكرة نوعية تذكر شيئا ولا تذكر شيئا آخر، ويكون لنا نسيان نوعي ننسى نوعا من الحوادث ولا ننسى نوعا آخر، كما يصاب بعض الناس بالعمى اللوني، فيرون لونا ولا يرون لونا آخر، أما ونحن لا نستطيع أن نحتكم في ما نذكر وفي ما ننسى فحياتنا آلام في آلام.
في قمة الحياة.
6
نامعلوم صفحہ