من آداب الدعاء افتتاحه بالثناء على الله والصلاة على نبينا محمد ﷺ
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
روى الإمام أبو داود عن فضالة بن عبيد صاحب رسول الله ﷺ أنه قال: (سمع رسول الله ﷺ رجلًا يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى ولم يصل على النبي ﷺ، فقال رسول الله: عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه ثم يصلي على النبي ﷺ ثم يدعو بعد بما شاء).
وعن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال: (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة).
أما الحديث الأول فيرويه فضالة بن عبيد صاحب رسول الله ﷺ في أدب الدعاء، وأن الإنسان لا يعجل، فقد أمر الله عباده بالدعاء فقال: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر:٦٠] وقال: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة:١٨٦]، وقال النبي ﷺ: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل).
والتعجب قد يكون بتعجل حصول المطلوب.
وقد يكون تعجل طريقة الدعاء، حيث يبدأ مباشرة في ذكر حاجته، فعلم النبي ﷺ أصحابه الأدب في ذلك، حيث أمر هذا الرجل بالبدء بتوفير الله تعالى ثم الصلاة على النبي ﷺ.
فالأدب مع الله أن تبدأ أيها الداعي! بالثناء على ربك ﷾، وتحمده وتصلي على نبيه صلوات الله وسلامه عليه، وهذا من أسباب الإجابة.
وأنت بهذا لا تطيل دعاءك وإنما تقصر الطريق على نفسك، فأنت عندما تبدأ بالتحميد والتمجيد لله فإن الله ﷿ يقبل عليك، وإذا بدأت بالصلاة على النبي ﷺ وهو ما يحبه الله ﷿ -فإنه تعالى يسرع بالصلاة عليك عشر مرات، فإذا سألت الله بعدها كنت جديرًا بالإجابة.
فالنبي ﷺ قال: (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه)، يعني: إذا صلى أحدكم ثم أراد أن يدعوا فيبدأ بتمجيد الله ﷿، فأنت وأنت في الصلاة وعند التشهد تبدأ بتمجيد الله ﷿ والثناء عليه سبحانه تعالى، ثم الثناء على النبي ﷺ، وفي النهاية تدعو الله ﷿ بما شئت فيستجيب الله ﷿ لك.
أما إن كنت في غير الصلاة فتبدأ دعاءك أيضًا بالحمد لله وتمجيده والثناء عليه ثم بعد ذلك تصلي على النبي صلوات الله وسلامه عليه، ثم تدعو بما شئت.
ولو نظرنا إلى حال البشر لوجدنا أن من عادة الملوك أنهم إذا جاء من يمدحهم فإنهم يكافئونه يصلونه بأموالهم نظير هذا المدح، فكيف بالخالق ﵎ -وله المثل الأعلى- الذي أمرنا أن نمجده وأن نثني عليه وأن نحمده ﷾.
2 / 2