طبقات کبریٰ للشعرانی
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
ناشر
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
اشاعت کا سال
1315 هـ
في هذه الأمة شيء فهم الصوفية وكان رضي الله عنه إذا سمع القرآن لا تقطر له دمعة وإذا سمع شعرا قامت قيامته ثم يلتفت إلى الحاضرين ويقول: أتلومون أهل الري على قولهم يوسف بن الحسين زنديق هم معذورون رضي الله عنه.
ومنهم أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين الترمذي الحكيم
رضي الله عنه
لقي أبا تراب النخشبي وصحب أبا عبد الله بن الجلاء، وأحمد بن حضرويه، وهو من كبار مشايخ خراسان وله التصانيف المشهورة وكتب الحديث، وكان رضي الله عنه يقول: ما صنفت حرفا عن تدبير ولا لينسب إلي شيء من المؤلفات، ولكن كان إذا اشتد علي وقتي أتسلى به، وسئل مرة عن صفة الخلق فقال ضعف ظاهر ودعوى عريضة وكان رضي الله تعالى عنه يقول: من شرائط الخدام التواضع والاستسلام، وكان يقول: كفى بالمرء عيبا أن يسره ما يضره، وكان يقول: دعا الله الموحدين للصلوات الخمس رحمة منهم عليهم وهب لهم فيها ألوان الضيافات لينال العبد من كل قول وفعل شيئا من عطاياها سبحانه وتعالى، فالأفعال كالأطعمة، والأقوال كالأشربة، وهم عرش الوحدانية، وكان رضي الله عنه يقول: صلاح الصبيان في المكتب، وصلاح قطاع الطريق في السجن، وصلاح النساء في البيوت وكان رضي الله عنه يقول: المحدث والمتكلم إذا تحققا في درجتهما لم يخافا من حديث النفس، كما أن النفوس محفوظة بالنسخ لإلقاء الشيطان كذلك محل المكالمة والمحادثة مصون عن إلقاء النفس محروس بالحق رضي الله عنه.
ومنهم أبو بكر محمد بن عمر الحكيم الوراق
رضي الله عنه
أصله من ترمذ وأقام ببلخ لقي أحمد بن حضرويه وصحب محمد بن سعد الزاهد ومحمد بن عمر البلخي له التصانيف المشهورة في أنواع الرياضات والآداب والمعاملات. ومن كلامه رضي الله عنه لو قيل للطمع من أبوك لقال الشك في المقدور، ولو قيل له ما حرفتك لقال اكتساب الذل، ولو قيل له ما غايتك لقال الحرمان.
وكان رضي الله عنه يمنع أصحابه من السفر والسياحات ويقول مفتاح كل بركة التصبر في موضع إرادتك إلى أن تصح لك الإرادة فإذا صحت لك الإرادة فقد ظهر عليك أوائل البركة، وكان يقول: الناس ثلاثة العلماء، والفقراء، والأمراء فإذا فسد الأمراء فسد المعاش، وإذا فسد العلماء فسدت الطاعات، وإذا فسد الفقراء فسدت الأخلاق، وكان يقول: من اكتفى بالكلام من العلم دون الزهد والفقه تزندق، ومن اكتفى بالزهد دون الكلام والفقه ابتدع ومن اكتفى بالفقه دون الزهد والورع تفسق، ومن جمع هذه الأمور كلها تخلص وكان رضي الله عنه يقول: خضوع الفاسقين أفضل من صولة المطيعين، وكان رضي الله عنه يقول: عوام الخلق هم الذين سلمت صدورهم، وحسنت أعمالهم وطهرت ألسنتهم وفروجهم، فإذا خلوا من هذا فهم من الفراعنة لا من العوام، وكان يقول: إذا فسدت العلماء ظلت الفساق على أهل الصلاح والكفار على المسلمين والكذبة على الصادقية والمراءون على المخلصين، وتلف الدين كله لأن العلماء رضي الله عنهم الزمام، وكان رضي الله عنه يقول: إذا غلب الهوى أظلم القلب، وإذا أظلم القلب ضاق الصدر، وإذا ضاق الصدر ساء الخلق، وإذا ساء الخلق أبغضه الخلق وبغضهم وجفاهم وهناك يصير شيطانا، وكان يقول: الخلاف يهيج العداوة والعداوة تستنزل البلاء وكان يقول: ما عشق أحد نفسه إلا عشقه الكبر، والحقد، والذل والمهانة وكان يقول: ازهد في حب الرياسة والعلو في الناس إن أحببت أن تذوق شيئا من طريقة الزاهدين، وكان يقول ولو أن أحدا يعلم علم العلماء، ويفهم فهم الفهماء، ويعرف سحر كل ساحر لا يستطيع أن يستر عورة من عورات نفسه إلا بالصدق فيما بينه وبين الله تعالى رضي الله عنه.
ومنهم أبو سعيد أحمد بن عيسى الخراز
رضي الله تعالى عنه ورحمه
هو من أهل بغداد وصحب ذا النون المصري وسريا السقطي وبشرا الحافي وغيرهم، وهو من أئمة القوم وأجلة المشايخ قيل إن أول من تكلم في علم الفناء والبقاء أبو سعيد الخراز. مات رضي الله عنه سنة تسع وسبعين ومائتين. ومن كلامه رضي الله عنه إن الله تعالى عجل لأرواح الأولياء التلذذ بذكره والوصول إلى قربه وعجل لأبدانهم النعمة بما نالوه من مصالحهم فعيش أبدانهم عيش الجثمانيين، وعيش قلوبهم عيش الروحانيين، ولهم لسانان ظاهر وبطن فلسان الظاهر يكلم أجسامهم، ولسان الباطن يناجي أرواحهم، وكان رضي الله عنه يقول:
صفحہ 78