كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. [المائدة: ٣].
فكان مما جاء به وبينه ﷺ ما يتعلق بذات اللَّه من توحيد الأسماء والصفات.
وهذا النوع من التوحيد -أي توحيد الأسماء والصفات منزلته في الدين عالية وأهميته عظيمة ولا يمكن أحدًا أن يعبد اللَّه على الوجه الأكمل حتى يكون على علم بأسماء اللَّه تعالى وصفاته ليعبده على بصيرة قال اللَّه تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾ [الأعراف: ١٨٠].
ولما كانت حاجة العباد إلى معرفة هذا النوع ماسة بل إن حاجتهم إليه أعظم من حاجتهم إلى الماء والغذاء فقد بينه اللَّه في كتابه بيانًا شافيًا واضحًا وهذا من رحمته تعالى أن ما كانت حاجة الناس إليه أشد كان بيانه واضح ووجوده أعم.
والرسول ﷺ قد وصف اللَّه بما وصف به نفسه في كتابه الذي أنزله ليكون هدى للعالمين ومنارًا للسالكين، فأخبر الناس بأنه تعالى يرحم ويغضب ويرضى ويسخط ويحب ويبغض وأنه مستو على عرشه عال على خلقه وأنه يسمع ويبصر ويعطى ويمنع ويخفض ويرفع وأنه ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر، أخبرهم بذلك وغيره فآمن الصحابة به وتلقوه بالقبول من غير شك ولا ارتياب وعاش أصحاب رسول اللَّه ﷺ على هذه العقيدة الصحيحة الصافية الخالية من الشوائب والأكدار، ثم واصلوا مسيرة الخير والنور فانتشر الإِسلام انتشارًا لم يعهد له نظير في سالف الدهر ولاحقه لأي دعوة من الدعوات وبسرعة عجيبة فطبق المعمورة شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالًا فدخل في الإسلام شعوب مختلفة العادات والأفكار واللغات ولها حضارات وأديان فاعتاضوا عن ذلك كله بالإِسلام.
عند ذلك ثارت ثائرة المجوسية الحاقدة واليهودية الماكرة بغيًا وحسدًا وأخذوا
1 / 6