هذا وإن كنتم -أيدكم الله تعالى- بذلك عالمين، لكن الذكرى تنفع المؤمنين.
ثم يستطرد الشيخ عماد الدين قائلا في رسالته:
واعلموا -أيدكم الله- أنه يجب عليكم أن تشكروا ربكم تعالى في هذا العصر، حيث جعلكم بين جميع أهل هذا العصر كالشامة البيضاء في الحيوان الأسود. لكن من لم يسافر إلى الأقطار، ولم يتعرف أحوال الناس، لا يدري قدر ما هو فيه من العافية. فأنتم إن شاء الله تعالى في حق هذه الأمة الأولى كما قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس. تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} (آل عمران:110) وكما قال تعالى: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} (الحج:41).
أصبحتم إخواني تحت سنجق (أي تحت لوائه ورايته) رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن شاء الله تعالى، مع شيخكم وإمامكم، وشيخنا وإمامنا المبدوء بذكره رضي الله عنه. قد تميزتم عن جميع أهل الأرض، فقائها وفقرائها، وصوفيتها، وعوامها: بالدين الصحيح.
وقد عرفتم ما أحدث الناس من الأحداث، في الفقهاء والفقراء والصوفية والعوام. فأنتم اليوم في مقابلة الجهمية من الفقهاء. نصرتم الله ورسوله في حفظ ما أضاعوه من دين الله، تصلحون ما أفسدوه من تعطيل صفات الله.
وأنتم أيضا في مقابلة من لم ينفذ في علمه من الفقهاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجمد على مجرد تقليد الأئمة فإنكم قد نصرتم الله ورسوله في تنفيذ العلم إلى أصوله من الكتاب والسنة، واتحاد أقوال الأئمة، تأسيا بهم لا تقليدا لهم.
صفحہ 80