٢٢١ دير متى: على جبل شامخ، شرقي الموصل، وهذا الجبل يدعى جبل متى. من استشرفه نظر إلى رستاق نينوى والمرج. وهو حسن البناء، وبيته منقورة في الصخر ورهبانه كثيرون، يجتمعون على الطعام، وهم مائة راهب، يجتمعون في بيت الصيف، أو بيت الشتاء، وهما بيتان منقوران في صخرة عظيمة. الواحد منها يسع جميع الرهبان.
وفي كل بيت عشرون مائدة منقورة في الصخر، وفي كل منها قبالة برفوف، وباب يغلق عليها، وفي كل قبالة آلة المائدة التي تقابلها من غضارة وطوفرية وسكرجه، لا تختلط آلة هذه بآلة تلك. ولرأس الدير مائدة لطيفة على دكان لطيف في صدر البيت، يجلس عليها وحده، وحجرها ملصق بالأرض، وكل هذا من العجائب.
وإذا جلس رجل في صحن الدير رأى مدينة الموصل. وبين الدير وبينها سبعة فراسخ.
وكتب على حائط دهليز في الدير:
يا ديرُ متّى سقتْ أطلالكَ الدّيمُ ... وأنهلَّ فيكَ على سكّانكَ الرّهمُ
فما شفى غلتّي ماءٌ على ظمأ ... كما شفى حرَّ قلبي ماؤكَ الشبمُ
ولنْ يحلّكَ ذو يأسٍ، به سقمٌ ... إلاّ تحلّلَ عنهُ اليأسُ والسّقمُ
٢٢٢ دير المحرق: هذا الدير على رأس جبل في الصعيد الأدنى، غربي النيل بمصر. وهو دير مليح نزه، حسن العمارة.
والنصارى هناك يعظمونه، ويسافرون إليه من النواحي ويزعمون أن المسيح ﵇ نزل به لما ورد مصر وأنه أقام فيه أيامًا.
٢٢٣ دير المحلى: بشاطئ جيحان، من الثغر الشامي، بقرب المصيصة.
وهو دير نزه، حسن، مشرف على رياض نضرة، وأزهار وبساتين مثمرة، يسقيها نهر جيحان.
قيل في هذا الدير أشعار كثيرة، منها قول ابن أبي زرعة الدمشقي:
دير محلى، محلّةُ الطّربِ ... وصحنهُ صحنُ روضةِ الأدب
والماءُ والخمرُ فيه قد سكبا ... للضّيفِ من فضةِ ومنْ ذهبِ
٢٢٤ دير محمد: من نواحي دمشق بالغوطة، منسوب إلى محمد بن الوليد الأموي.
قال الحافظ أبو القاسم: هو محمد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاصي بن أمية الأموي، أمه أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان وكان عمر بن عبد العزيز يراه أهلًا للخلافة. وإليه تنسب المحمديات التي فوق الأرزة.
ودير محمد الذي عند المنيحة، من إقليم بيت الآبار.
وتزوج محمد بن الوليد هذا ابنة عمه يزيد بن عبد الملك.
٢٢٥ دير محزاق: من أعمال خوزستان.
٢٢٦ دير مديان: قال الشابشتي: هذا الدير على نهر (كرخايا) ببغداد. وكرخايا نهر يشق من المحمول الكبير، ويمر على العباسية، ويشق الكرخ، ويصب في دجلة، وكان قديمًا عامرًا، والماء فيه جاريًا، ثم انطم، وانقطعت جريته بالبثوق التي انفتحت في الفرات.
وهو دير حسن، نزه يقصده الناس وأهل اللهو لما حوله من بساتين. وفيه يقول الحسين بن الضحاك:
حثَّ المدامَ، فإنَّ الكأسَ مترعة ... بما يهيج دواعي الشّوق أحيانا
إنّي طربتُ لرهبانٍ مجاوبةٍ ... بالقدس، بعدَ هدوِّ الليلِ رهبانًا
فاستنفرتْ شجنًا منّي ذكرتُ به ... كرخَ العراق وأحزانًا، وأشجانا
فقلتُ والدّمعُ منْ عينيَّ منحدرٌ ... والشّوقُ يقدحُ في الأحشاءِ نيرانا
يا ديرَ مديانَ، لا عرِّيتَ منْ سكن ... ما هجتَ منْ سقم، يا دير مديانا
هلْ عندَ قسّكَ منْ علمٍ فيخبرني ... أنْ كيفَ يسعدُ وجهُ الصّبرِ من بانا
سقيًا ورعيًا (لكرخايا) وساكنها ... بينَ الجنينة والروحاءِ من كانا
وروى غير الشابشتي هذا الشعر في دير مران، والصواب ما كتبته هنا، والله تعالى أعلم.
٢٢٧ دير مران: بلفظ التثنية للمر، المضموم الميم، وبفتح رائه.
قال الخالدي: هذا الدير بالقرب من دمشق، على تل مشرف على مزارع زعفران، ورياض حسنة. وهو مبني بالجص، وأكثر فرشه بالبلاط الملون، وهو دير متسع كبير، وفيه رهبان كثيرون، وبداخل هيكله صورة دقيقة المعاني، عجيبة.
وفيه يقول أبو بكر الصنوبري:
أمرُّ بديرِ مرانٍ، فأحيا ... وأجعلُ بيتَ لهوي بيتَ لهيا
ويبردُ غلتّي بردى فسقيًا ... لأيامٍ على بردى ورعيا
ولي في بابِ جيرونٍ ظباءٌ ... أعاطيها الهوى ظبيًا فظبيًا
ونعمَ الدّارُ داريًا، ففيها ... حلالي العيشُ حتّى صار أريا
1 / 51