فالجواب: أن الترمذي لم يعرف الحسن مطلقا، وإنما عرف بنوع خاص منه وقع في كتابه، وهو ما يقول فيه: حسن من غير نسبة أخرى؛ وذلك أنه يقول في بعض الأحاديث: حسن، وفي بعضها: صحيح، وفي بعضها: غريب، وفي بعضها: حسن صحيح، وفي بعضها: حسن غريب، وفي بعضها: صحيح غريب، وفي بعضها: حسن صحيح غريب، وتعريفه إنما وقع على الأول فقط وعبارته ترشد إلى ذلك حيث قال في أواخر كتابه: "وما قلنا في كتابنا: حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا؛ كل حديث يروى لا يكون راويه متهما بكذب، ويروى من غير وجه نحو ذلك، ولا يكون شاذا، فهو عندنا حديث حسن".
فعرف بهذا أنه إنما عرف الذي يقول فيه حسن فقط. أما ما يقول فيه: حسن صحيح، أو حسن غريب، أو حسن صحيح غريب، فلم يعرج على تعريفه كما لم يعرج على ما يقول فيه صحيح فقط أو غريب فقط، وكأنه ترك ذلك استغناء بشهرته عند أهل الفن، واقتصر على ما يقول فيه في كتابه: حسن فقط؛ إما لغموضه، وإما لأنه اصطلاح جديد؛ ولذلك قيده بقوله: عندنا، ولم ينسبه إلى أهل الحديث كما فعل الخطابي.
وبهذا التقرير يندفع كثير من الإيرادات التي طال البحث فيها، ولم يسفر وجه توجيهه، فلله الحمد على ما ألهم وعلم. انتهى.
قال الحافظ السيوطي: "وظهر لي توجيهان آخران: أحدهما أن المراد حسن ذاته صحيح لغيره، والآخر: أن المراد حسن باعتبار إسناده صحيح، أي:
صفحہ 67