(( و)) المختار أيضا (( أنه )) لا يجوز لأهل الحل والعقد إذا أجمعوا على حكم أن يجمعوا جزافا من غير دليل ولا أمارة. بل (( لا بد له من مستند )) إما دلالة قاطعة، من نص متواتر أو قياس قطعي، أو أمارة ظنية، كظاهر أي: ة أو نص قطعي، أو آحادا، أو نحوهما. (( وإن لم ينقل )) ذلك المستند (( إلينا )) إذ يجوز ترك نقل المستند استغناء بالإجماع .فلا إجماع إلا عن مستند، وإلا استلزم الخطأ _ أعني _ كونه غير حجة. وأيضا يستحيل ذلك عادة.
ومنهم: من جوز الإجماع جزافا من غير مستند .لأن العلماء مفوضون من جهته تعالى في الحكم، يحكمون بما شاءوا بعد بلوغ رتبة الاجتهاد.وأيضا لو افتقر إلى الدليل لم يكن للإجماع فائدة. بل الفائدة في الدليل !!
قلنا: لا نسلم التفويض. إذ لا دليل عليه. وفائدة الإجماع: سقوط البحث عن الدليل، وتحريم مخالفته . وأيضا يلزم من ذلك أن لا يكون شيء من الإجماع له دليل. لعدم الفائدة، ولا قائل به. فتأمل .
ومنهم: من منع الإجماع عن الأمارة الظنية. وقال: لا بد من صدوره عن دليل قاطع.
لنا: وقوعه. كإجماعهم على: أن حد الشارب ثمانون بعد أن كان أربعين، فتساهل النساك فلم يمتنعوا. فاستصلحوا زيادة أربعين، وأجمعوا على ذلك، وهو عن اجتهاد.
(( و)) اختار المصنف (( أنه لا يصح أن يكون مستنده قياسا )) وهو ما ثبت له أصل. (( أو اجتهادا )) وهو ما لا أصل له يقاس عليه، وظاهر كلامه أنه سواء كان الاجتهاد والقياس جليا أم خفيا، وعند الأكثر من الأصوليين، واختاره الإمام المهدي _ وهو الأولى _أنه يجوز أن يكونا مستنده إذ هما حجة كالخبر الذي يثمر الظن، وأيضا لم يفصل الدليل على كونه حجة بين المجتهد الواحد والأمة في صحة الاحتجاج به، فلا وجه لإنكار ذلك في الأمة، وأيضا قد وقع كإجماع الصحابة على الزيادة في حد الشارب كما قدمنا .
صفحہ 47