(( و)) الثاني: (( الضبط )) من الراوي لما يرويه. فإن كان لا يقدر على الحفظ، بل غالب أحواله السهو، فلا تقبل روايته ولو كان عدلا، لأنه يقدم على الرواية ظانا أنه ضبط وما سهى. والأمر بخلافه.
واعلم أنه لا يشترط في الضبط إلا أن يكون هو الغالب من أحواله، وإن غفل في بعض الأحوال فلا يضر.
فإن استوى الحالان؟
فقيل: يقبل.
وقيل: لا يقبل.
وقيل: موضع اجتهاد للمجتهد. وهذا هو الأولى. وذلك كأخبار أبي هريرة، ووابصة بن معبد، ومعقل بن يسار. فيعمل في ذلك الناظر بحسب القرائن الدالة على الضبط وعدمه. وإلا وجب الوقف.
(( و)) أما التي في الخبر فأمران أيضا:
الأول: (( عدم مصاد متها )) أي: أخبار الآحاد (( دليلا قاطعا )) أي: لا يتخصص، ولا ينسخ، ولا يحتمل التأويل بوجه، وسواء كان اقليا أو عقليا. وذلك كرائح الكتاب والسنة المتواترة، والإجماع القطعي، وما علم بضرورة العقل. فإن ما صادم هذه لا يقبل، لأن الظني لا يقوى على مقاومة القطعي. وقد انعقد الإجماع على تقديم المقطوع به على الظنون. فلا يجوز التمسك بخبر الواحد حينئذ. إلا أن يقبل التأويل قبل وتؤول، جمعا بين الأدلة والله أعلم.
(( و)) الثاني (( فقد استلزام تعلقها الشهرة )) بمعنى: أنه لو ثبت تعلقها أي: ما تتعلق به لاستلزم الشهرة، فإذا استلزمها وفقدت لم يقبل.
مثال ذلك: أن يرد آحادا فيما تعم به البلوى علما، كالمسائل الإلهية. أو علما وعملا، ألو ورد خبر آحادا بصلاة سادسة، أو حج بيت ثان، أو صوم شهر ثان، فإن ذلك لا يقبل. لأنه لو ثبت لاشتهر.
فإذا عرفت هذه الشروط ومن جملتها العدالة، فلنبين ما تثبت به العدالة فنقول:
(( وتثبت عدالة الشخص )) الشاهد والراوي إذا كان مجهولا غير صحابي بأحد أمرين:
الأول: الإخبار بها. وهو واضح، كأن يقول المخبر: هو عدل، أو مقبول الشهادة أو الرواية. ويكفي فيه خبر واحد كما يأتي.
صفحہ 30