تَأَخَّرت إِلَى هَذِه السَّاعَة، وَكَذَلِكَ قَوْله: وَالْوُضُوء أَيْضا؟ أَي كَيفَ اقتصرت على الْوضُوء دون الْغسْل. وَأَرَادَ مِنْهُ اسْتِعْمَال الْفَضَائِل.
وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه: أَن غسل الْجُمُعَة لَيْسَ بِوَاجِب؛ لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاجِبا لما تَركه عُثْمَان، ولأمره بِهِ عمر، فَلَمَّا سكت عَن أمره بذلك بِمحضر الصَّحَابَة دلّ على أَنه مسنون.
وَفِيه أَن للْإِمَام أَن يتَكَلَّم فِي الْخطْبَة.
٢٠ - / ٢٠ - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: كَانَ رَسُول الله يعطيني الْعَطاء فَأَقُول: أعْطه من هُوَ أفقر إِلَيْهِ مني. فَقَالَ: " خُذْهُ، وَمَا جَاءَك من هَذَا المَال وَأَنت غير مشرف لَهُ وَلَا سَائل فَخذه، ومالا فَلَا تتبعه نَفسك ".
المشرف والمستشرف على الشَّيْء: المتطلع إِلَيْهِ الطامع فِيهِ، وَمَتى طمعت النَّفس فِي شَيْء فَحصل لَهَا عَادَتْ فاستعملت آلَات الْفِكر فِي الطمع، فَإِذا وَقع عِنْدهَا الْيَأْس من ذَلِك بالعزم على التّرْك، رَأَتْ أَن الاستشراف لَا يفيدها صرفت الْفِكر إِلَى غير ذَلِك، وَإِذا جَاءَ الشَّيْء لَا عَن استشراف قل فِيهِ نصيب الْهوى، وتمحض تعلق الْقلب بالمسبب. وَقَالَ عَليّ بن عقيل: معنى الحَدِيث: مَا جَاءَ بمسألتك فَإنَّك اكْتسبت فِيهِ الطّلب وَالسُّؤَال، وَلَعَلَّ الْمَسْئُول استحيا أَو خَافَ ردك فأعطاك مصانعة، وَلَا خير فِي مَال خرج لَا عَن طيب نفس، وَمَا استشرفت إِلَيْهِ نَفسك فقد انتظرته وارتقبته، فلنفسك فِيهِ نوع استدعاء، وَمَا جَاءَ من غير ذَلِك فَإِنَّمَا كَانَ المزعج فِيهِ للقلوب نَحْوك، والمستسعي للإقدام
1 / 49