وسئل رحمه الله بما نصه: وأما قولك ما دليل نجاسة الدم إلى آخره قال: فجوابه: أن من أدلته أمره صلى الله عليه وسلم الحائض والنفساء بغسل الدم من بدنهما ومن ثوبهما، وإن غسلته الحائض ومثلها النفساء من ثوبهما فلم تزل غبرته صلت به جاء الحديث بهذا وأن من أدلته أمره بغسل دم الرعاف والبناء على ما مضى من صلاة الراعف وإنما المحرم المانع إذا كان تحريمه لذاته يكون نجسا كأخبثي الآدمي والميتة والطهر من المرأة الصفرة والكدرة والتربة والنطفة وبلل الفرج كما أمر صلى الله عليه وسلم بغسله والقيء والخمر عندنا وكالبول مطلقا، إلا بول الحوت والضفدع كما يخرج من الماء، وكأرواث ما حرم أكله وبهذه الوسائط تستحضر قوله تعالى: {او دما مسفوحا} [سورة الأنعام: 145] فبتحريمه لذاته إذا سفح حكمنا بنجاسته كأخواته.
وسئل أيضا: رحمه الله بما نصه أن بعض إشكال صدر من معترض مخالف زعم أنه لا دليل لنا معشر القائلين بنجاسة الدم لأنه قوام الإنسان بل وجميع الحيوان، فأجابه بعض أن دليلنا الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله عز وجل {قل لآ أجد في مآ أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلآ أن يكون ميتة او دما مسفوحا ... } الآية. والسنة فغسل دمه عليه السلام يوم أحد إذ شج. والإجماع فإنا لا نعلم فمالنا لهذا الحكم فحينئذ، شمر الخصم عن ساق الجدال وحسر ساعده للنضال قائلا: إن حجتكم هذه منقوضة <2/ 19> ودعواكم مدحوضة، وذلك أن الضمير في الآية عائد إلى أقرب شيء إليه وهو الخنزير لا الدم. وأن السنة معارضة لشرب ابن الزبير دمه عليه السلام حين احتجم ولم ينكر عليه فعلته، وهذه القضية متأخرة زمانا عن قضيتكم، والمتأخر ناسخ باتفاق منا ومنكم. والإجماع فغير مسلم، وكيف ينعقد الإجماع على شيء قضت السنة بضده وهو عليه السلام المبين لنا ما كان مجملا، فحينئذ فزعنا إليك لكوننا ضعفاء، راجين منك حل هذه الشبهة لا زلت عونا لنا ولإخواننا على الخير. آمين.
صفحہ 4