جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
اصناف
فاغتم لوقا وقال: «إن متى حاروم مخفي وزوجته ماتت، وابنته الطائشة فرت وتركته.»
فانتفضت مسز كلدن لهذا الكلام، وحاول لوقا أن يخرج فأخذه كلدن بعنف وقال له: مستر لوقا! اجث ، اطلب العفو من مسز كلدن ابنة الخواجة متى حاروم.
فانتصب لوقا المقهور مدافعا عن نفسه زاعما إن لم يتعد المنافسة التجارية، التي بها نفسها تغلب كلدن على الأسواق، وختم كلامه بقول غوت: إلى الأمام ولو فوق الجثث.
فلم تبال إميليا بحججه وبراهينه وأمعنت في إهانته، ثم ترقرق دمعها لذكرى أبيها فقال لوقا: أنا أعرف مكان أبيك، وسأجيئك منه بالشهادة المطلوبة، فدهشت وصاحت: قل أين؟ فأملأ فاك درا، فقال: الآن في الأرز.
فخرج الجميع تتقدمهم إميليا، فرأت أباها المجنون مقيدا في الكنيسة، فشفي حالا حين رآها، ووزع هو عطايا «يوم كلدن»، وعفا عن لوقا طمعون الذي سار مع موكب كلدن، وترك مخلوف الشقي تهيجه الذكرى، ثم سيق إلى دير «قزحيا» المستشفى البلدي للمجانين.
أما بسط فرح لخطة قصته ففيه شيء كثير من فن القصصي المطبوع ولباقته، وللقدرة على غرس المبادئ جعل فرح الكلام على لسان شابين متعلمين كليم وسليم، سفرهما من قلحات قبل الفجر بكثير فتحدثا عن الجداجد التي سمعا صوتها في الليل - لا أدري إذا كانت تغني قصائدها في الدجى - وجعلا يخطئان لافونتين، فسئم المكاري وغضب على جواده غضب سليمان حين فاتته الصلاة، فأدرك الشابان خطأهما وسألا المكاري لماذا اختار هذه الطريق، فحدثهما عن خصام أهل قلحات وفيع بسبب تشاتم الأولاد.
وينعس الشابان فيغني المكاري الحنيانا والميجانا ويا دوم حالي يا دوم، فينشط الراكبان ويعجبان بهذا الأدب الساذج الرفيع الذي يمثل الأمة وحبها العنيف، وتطلع نجمة الصبح فيناجيها الرفيقان متفلسفين.
ولاح لهما دير حماطورة مع الشمس، فكان حديث طويل عن الحياة الرهبانية، يخطئها كليم ويصوبها سليم، ودخل المكاري في القضية شخصا ثالثا خائفا على جواده إذا ظل كليم يجدف على الرهبان، فيتراخى كليم ليغلب سليم، فيسر المكاري ويأمن عثار الخيل.
وبلغوا عين السنديانة فأخذ رجل معتوه مجلة إنكليزية من الخرج بلا استئذان، وقرأ فيها حادثة غرامية، فطوى المجلة وأعادها قائلا: كلهن سواء، وردد:
جننا بليلى وهي جنت بغيرنا
نامعلوم صفحہ