جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
اصناف
فأنسته حلاوة أبي نواس مرارة بشار، فاستزاد من الخمرة المعتقة حتى كرع ثلاثا أخطليات وقال: إن شرابك المفلفل لخليق بذاك الظريف الديوث.
فقلت له: لقد أجدت يا أستاذ العرب وسيد الأدباء.
قال: وبماذا؟
قلت: بقولك في أبياته هذه بلسان أحدهم وهو جزار: هذا شعر لو نقر لطن.
قال: حزرت، وماذا يهجس في صدر الزجاجة.
وجاءت الجارية لترفع الطبق، فصوب الجاحظ نظره فيها وصعده فقلت له: لا تخف إن عدت إلينا مرة أخرى، فهي ليست سندية فتقول «الجاحد» أو «الحلقي» بالباب، فبدهني بقوله: ولكنها تقول المسيو جاهز، أو المستر هدكي.
وأدركت حقارتي إزاءه فتوقيته، ورفعت الحديث وقلت: ما أدري كيف أغفلك أبو الفرج الأصفهاني ولم يترجم لك.
قال: لأنه مثلكم يعنى بالشعراء، ويبخس الكتاب أشياءهم.
قلت: الحق معك يا أستاذنا الأعظم، إن العرب ليباهون بك ، وما هذا الإنسان، وإن أنا ذكرتك دونهم فلأنني أتدارسك مع تلاميذي فأنت أحد الثلاثين «الخالدين» في منهاج البكالوريا اللبنانية.
وردد كلمة بكالوريا حتى استقام له لفظها وسألني: ما البكالوريا؟ فخبرته فاستضحك وأثنى ثم قال: وهل سألوهم عني؟ قلت: نعم، وكنت ميمون الطالع عليهم يا أبا عثمان.
نامعلوم صفحہ