نسل کشی: زمین، نسل، اور تاریخ

فهمی سعید الشیخو d. 1450 AH
112

نسل کشی: زمین، نسل، اور تاریخ

جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ

اصناف

لم يأبه إبراهيم بكلام الرجل فصد عنه، عندها عاود الشيطان محاولته فظهر أمام إسحاق على هيئة شاب وسيم ابتسم في وجهه وقال له: «كيف ترضخ لوالدك الأبله الذي يريد ذبحك دون ذنب؟! لا تنصت إليه ولا تدع روحك السامية وصورتك الجميلة تفنيان من الحياة.» لكن إسحاق أيضا لم يأبه بوساوس الشاب الوسيم فمضى مع أبيه إلى قدره بثبات، حينها وكأن إبراهيم أحس أن الشيطان يحول بينهما وبين ما خرجا من أجله، فسأل ابنه إسحاق: هل يساور قلبك الشك بصحة ما نقوم به يا بني؟ - لا يساورني الشك لأحيد عن الكلمات التي حدثك الرب بها يا أبتي، ولم يدب الخوف في قلبي مما سيحصل، بل امتلأ بالسعادة؛ لأن الرب اختارني لأكون قربانا له.

سعد إبراهيم بكلام ابنه، ومضيا نحو المكان الذي تحدث الرب عنه، ثم على المذبح الذي بناه إبراهيم، وضع إسحاق خده مستسلما لقدره على الخشب في أعلى المذبح، وقال: أبتاه، شد وثاق يدي وقدمي، أخشى أن أضعف عند رؤية السكين فأمنعك مني رغبة بالحياة، وأجرح نفسي فلا أصبح صالحا لأكون أضحية، حد سكينك جيدا ولا تتوان عن تنفيذ مشيئة الرب، تماسك ولا تضعف، فإن ضعفك يؤخر خروج روحي ويطيل عذابي.

كانت الدموع تذرف من عينيه على الخشب كما تذرف من عيني أبيه، لكنها لم تكن سخطا على قضاء الله وقدره، بل حزنا على فراقهما، ثم أغمض عينيه مستسلما، واستجمع قواه إبراهيم، ثم رفع ثوبه بجانبه وضم ركبتيه على إسحاق بقوة ليمنعه من الحركة ومقاومة الرغبة في البقاء رغم خضوعه للأمر الرباني، وعندما هم إبراهيم بذبحه ووضع السكين على رقبة ابنه صرخ الملاك ميخائيل: إبراهيم، إبراهيم، ارفع يدك عنه!

دب الفرح في قلبه، لكنه رد متسائلا: أمرني الرب بذبحه، وتأمرني أنت بألا أذبحه، أيكما أحق بالطاعة؟! - إنه أمر الرب.

وهكذا في لحظة تغير قدر إسحاق ودبت فيه روح الحياة من جديد، وبارك الرب بهما وفداهما بكبش من السماء يكون أضحية إبراهيم بدلا من ابنه إسحاق؛ لذا فالقدر قابل للتغيير أحيانا وليس خطا مستقيما نساق فيه دون إرادة، حتى إن إسحاق كان بمقدوره عدم تلبية رغبة أبيه. - لكنه في النهاية لم يمت، فيما يعني أنه لم يقدر له الموت في أي طريقة كانت بقبوله أو حتى برفضه. - أنت الآن أجبت على تساؤلك الأول بنفسك، فلربما لو رحلت من ألمانيا قبل الحرب لغرقت السفينة التي كانت ستأتي بكم إلى هنا وماتوا هم وبقيت أنت وحدك على قيد الحياة.

شعر مايكل لأول مرة منذ سنوات طويلة براحة نفسية، وكأن هما ثقيلا أزيح عن كاهله بتلك الكلمات من بنيامين.

الفصل الثالث والأربعون

مدينة وان - تركيا 1916م

كان أرتين يجري كالبرق على جواده متجها من وان نحو قريتهم وغريغور يحاول اللحاق به بغية دفع أهل القرية إلى التوجه إلى وان، ومن ثم إرسالهم إلى الأراضي الروسية مع المهاجرين. في الطريق كانت الأهالي تنزح زرافات زرافات نحو وان تاركة وراءها قراهم، يحملون ما خف حمله وغلا ثمنه وفي وجوههم الهلع والخوف؛ فالناس هنا لديهم ذكريات سيئة مع العثمانيين، ففي أيام الثورة كانت المذابح لا تعرف مذنبا أو بريئا، فكيف الآن وقد تم اتهام الأرمن جميعا بالخيانة العظمى للأرض والوطن؟

وقبل وصولهما إلى القرية صادفا رجالا يلوحون لهم من بعيد بالتوقف .. عندما اقتربا منهم صاح غريغور: هؤلاء رجال قريتنا. - ما الذي تفعلونه هنا يا بوغوز؟ - لقد هربنا من القرية بعدما دخلتها القوات العثمانية. - وأين البقية؟ هل خرجوا معكم؟ - الجميع كانوا يجهزون أمتعتهم للنزوح، لكن البعض تأخروا ولم يلحقوا بنا، ولا نعلم من بقي، لكن حوالي نصف الأهالي نزحوا منها قبل وصول العثمانيين. - أبي «تلمكيان»، هل حاول الخروج معكم؟

نامعلوم صفحہ