تأويل تبدل هو تغير، وتغييرها هو: نسف ما على وجهها من الجبال، وبعثرة ما فيها من القبور، وبعثرة القبور فهو: إخراج ما فيها من الموتى، وردهم بعد الفناء أجساما وأحياء، وتسوية تفاوتها ودكها دكا، كما قال الله العلي الأعلى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض}[إبراهيم: 48] إلى آخر الآية، وتبديل حالها تسوية خلقها، وعدل متفاوتها، وقشع أوساخها، وتجديد بهجتها، واستواء أقطارها، حتىتكون الأرض مستوية فيحآء(1)، معتدلة الأرجاء، لا تفاوت فيها ولا اختلاف، بل تكون في ذلك اليوم كلها على غاية الإستواء والإئتلاف، لا يرى شيء من آلة الدنيا فيها ولا أثر فعل(2) من أفاعيل الدهر عليها، فهذا تبديلها وتغييرها. وكذلك تبديل السموات فهو رد الله لها إلى ما كانت عليه(3) في الإبتدا، ثم يردها على ما هي عليه اليوم من الإستواء من بعد أن تصير كالمهل، والمهل فهو شيء يكون كالدهن يخرج من صفو القطران، فذكر الرحمن أنها تكون في يوم الدين كالمهل السائل، بعد التجسم الهائل، وهو قوله: {يوم تأتي السماء بدخان مبين}[الدخان: 10] يريد أنها تعود إلى ما كانت عليه من الدخان، ثم ترد السموات(4) مطبقات(5)، كما خلقت من الدخان أولا سموات مقدرات مجعولات، تبيينا منه سبحانه لقدرته، وإظهارا لنفاذ أمره فيما افتطره من فطرته.
فهذا معنى ما ذكره الله من تبديل الأرض والسماء لا أنه يذهب بهما ويخلق سواهما(6) من غيرهما.
وإنما تبديله لهما وتغيييره: نقلهما من حال إلى حال، والأصل واحد مستقيم، غير فان ولا معدوم.
صفحہ 727