جامع البيان في تفسير القرآن
جامع البيان في تفسير القرآن
[الكهف: 50] قال: كان إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة، فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء. وحدثني علي بن الحسين، قال: حدثني أبو نصر أحمد بن محمد الخلال، قال: حدثني سنيد بن داود، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، عن موسى بن نمير، وعثمان بن سعيد بن كامل، عن سعد بن مسعود، قال: كانت الملائكة تقاتل الجن، فسبي إبليس وكان صغيرا، فكان مع الملائكة فتعبد معها. فلما أمروا بالسجود لآدم سجدوا، فأبى إبليس فلذلك قال الله:
إلا إبليس كان من الجن
[الكهف: 50] وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، قال: حدثنا المبارك بن مجاهد أبو الأزهر، عن شريك ابن عبدالله بن أبي نمر، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس، قال: إن من الملائكة قبيلا يقال لهم الجن، فكان إبليس منهم، وكان إبليس يسوس ما بين السماء والأرض فعصى، فمسخه الله شيطانا رجيما. قال: وحدثنا يونس، عن ابن وهب، قال: قال ابن زيد: إبليس أبو الجن، كما آدم أبو الإنس. وعلة من قال هذه المقالة، أن الله جل ثناؤه أخبر في كتابه أنه خلق إبليس من نار السموم ومن مارج من نار، ولم يخبر عن الملائكة أنه خلقها من شيء من ذلك. وأن الله جل ثناؤه أخبر أنه من الجن. فقالوا: فغير جائز أن ينسب إلى غير ما نسبه الله إليه. قالوا: ولإبليس نسل وذرية، والملائكة لا تتناسل ولا تتوالد.
حدثنا محمد بن سنان القزاز، قال: حدثنا أبو عاصم، عن شريك، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: إن الله خلق خلقا، فقال: اسجدوا لآدم فقالوا: لا نفعل. فبعث الله عليهم نارا تحرقهم. ثم خلق خلقا آخر، فقال: إني خالق بشرا من طين، اسجدوا لآدم فأبوا، فبعث الله عليهم نارا فأحرقتهم. قال: ثم خلق هؤلاء، فقال: اسجدوا لآدم فقالوا: نعم. وكان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا لآدم. قال أبو جعفر: وهذه علل تنبىء عن ضعف معرفة أهلها. وذلك أنه غير مستنكر أن يكون الله جل ثناؤه خلق أصناف ملائكته من أصناف من خلقه شتى، فخلق بعضا من نور، وبعضا من نار، وبعضا مما شاء من غير ذلك. وليس فيما نزل الله جل ثناؤه الخبر عما خلق منه ملائكته وإخباره عما خلق منه إبليس ما يوجب أن يكون إبليس خارجا عن معناهم، إذ كان جائزا أن يكون خلق صنفا من ملائكته من نار كان منهم إبليس، وأن يكون أفرد إبليس بأن خلقه من نار السموم دون سائر ملائكته. وكذلك غير مخرجه أن يكون كان من الملائكة بأن كان له نسل وذرية لما ركب فيه من الشهوة واللذة التي نزعت من سائر الملائكة لما أراد الله به من المعصية. وأما خبر الله عن أنه من الجن، فغير مدفوع أن يسمى ما اجتن من الأشياء عن الأبصار كلها جنا، كما قد ذكرنا قبل في شعر الأعشى، فيكون إبليس والملائكة منهم لاجتنانهم عن أبصار بني آدم. القول في معنى إبليس. قال أبو جعفر: وإبليس «إفعيل» من الإبلاس: وهو الإياس من الخير والندم والحزن. كما: حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: إبليس أبلسه الله من الخير كله وجعله شيطانا رجيما عقوبة لمعصيته. وحدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي، قال: كان اسم إبليس الحارث، وإنما سمي إبليس حين أبلس فغير. كما قال الله جل ثناؤه:
فإذا هم مبلسون
[الأنعام: 44] يعني به أنهم آيسون من الخير، نادمون حزنا، كما قال العجاج:
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا
قال نعم أعرفه وأبلسا
وقال رؤبة:
وحضرت يوم الخميس الأخماس
نامعلوم صفحہ