والحكم حكمان: حكم بأصل موقف عليه، وحكم بفرع بقياس مستخرج بأصله. فحكم الأصل موقف عليه بعينه، ألا ترى أنه لو كان حكم الأصل مستخرجا، وحكم الفرع مستخرجا كان لا فرق بين الفرع وأصله، وكاد يكون الفرع أصلا والأصل فرعا، والقياس لا يصح إلا على أصل متفق عليه، على ما بينا من اختلافهم من التفاضل في البيع قياسا على الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الربا بقوله عليه السلام: (البر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والذهب بالذهب والفضة بالفضة والملح بالملح) (¬1) فاستخرج كل من القائسين علة هذا من الخبر، وقاس عليه الحادث، واستنبط منها حكما على ما قدمنا ذكره من اختلاف بعض القائسين من المتفقهة من مخالفينا، وعلى نحو هذا اختلف علماؤنا في البيوع، ووجه آخر أبينه لك من اختلافهم في العلة. قال أبو حنيفة: دم الرعاف نجس قياسا على دم المستحاضة (نسختين) الاستحاضة، ودم الرعاف ينقض الطهارة عنده؛ لأن دم الاستحاضة ينقض الطهارة.
¬__________
(¬1) تقدم ذكره.
صفحہ 72