الشيخ محمد الحنفي وفي هذا الشهر أعطى شخص من المغاربة اثنين مما يترددا إلى زاوية الشيخ محمد الحنفي ورقة فيهاك أن بمكان يقال له: دير البغل خبية ليس عليها مانع فذهبا، فحفرا، ثم قال أحدهما للآخر: قد تعبنا، فنذهب، ونعود في وقت آخر. ففعلا، ثم سأل ذلك القائل في المعاودة، فلم يفعل فذهب صاحبه، فوجد حفر المكان أوسع مما كان؛ فاتهم صاحبه، بأنه كاده حتى أخذ ما في المكان، فأتى إليه، فلم يقر له بشيء، فأخبر شخصا من الجند، فأتى إليه، فهدده، فأصر على الإنكار، فضربه، ثم ذهبوا إلى الزاوية، ليوفق بينهما الشيخ أبو الفضل بن الشيخ محمد، فسأل المتهم أن يدفع إلى صاحبه خمسة دنانير، بعد أن كان يطلب خمسمائة دينار، ويتوعد بأنواع الوعيد، ثم ذهبوا، فاتسع خوف المتهم، فخنق نفسه بحبل معلق في بيته، فخاف الجندي، فأخبر السلطان بالخبر، وحرفه، فطلب الشيخ أبا الفضل يوم الأربعاء سادس عشر جمادى الأولى سنة 855، وأراد ضربه، فلم يقدر له ذلك، فأمر بزنجير، فوضع في عنقه، وأنزل إلى بيت الوالي، إلى القصر، الذي تجاه الكاملية، فشق ذلك على الناس عامة؛ فإنه شاب نشأ في عبادة الله، من أهل العلم، والدين، والكرم، والعقل، وأرسل الشيخ كمال الدين بن الهمام، ورقة أطنب فيها في مدح هذا الشاب، وبتربيته، فكان جوابه الوقيعة في والده، ونسبته إلى أكل الدنيا بالدين، فقال له رسول الشيخ: قال الله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164]. فلم تنجح فيه موعظة، وحرض المباشرون: كاتب السر، وناظر الخاص، والوزير، والإستدار، والدويدارية، وغيرهم، على الشفاعة فيه صبيحة الخميس، فعلم السلطان ذلك، فافتتحهم بإظهار الغضب، وفرط الحنق، حتى رأوا أن الصواب الكف عن الكلام فيه، وكان هذا دأبه، إذا كان له غرض في شيء، وخاف أن يثنى فيه عن مراده، أظهر الغضب لكل من يتوهم كلامه فيه، ثم أذن الله تعالى وله الحمد فأطلقه، يوم السبت تاسع عشر الشهر.
مناداة البحر:
صفحہ 119